الثورة _ طرطوس _ تحقيق فادية مجد :
العيد هو فرحة الكبير والصغير بشراء الملابس الجديدة والتي كانت تحرص الأسرة السورية على الاستعداد لهذه المناسبة السعيدة ، والتحضير لها ، من شراء الحلويات والشوكولا والملابس والأحذية، وسط حركة ازدحام كانت تعج بها الأسواق والمحال التجارية.
ولكن هذا الوضع ، وتلك الصورة الجميلة قد تغيرت منذ أكثر من عشر سنوات ، لتصبح من الذكريات، أمام غول الغلاء الذي لايرحم ، وجشع التجار وانعدام الرقابة على الأسواق ، وضعف الرواتب والتي لاتتناسب إطلاقاً مقابل جنون الأسعار الذي طال كل شيء.
*حركة تسوق ضعيفة..
خلال جولة للثورة على أسواق الألبسة في مدينة طرطوس ومنها السوق المقبي ، وهو سوق شعبي يرتاده ذوو الدخل المحدود ، كانت السمة المميزة لتلك الأسواق هي حركة التسوق الضعيفة ، كما شاهدنا ، وأغلب من التقينا بهم أجمعوا انهم جاؤوا لشراء قطعة واحدة لأبنائهم الصغار ، يلبسونها مع قطعة ثانية قديمة ، فغلاء الأسعار كاو ، ولاسيما ألبسة الأطفال ، والتي أسعارها أغلى من ملابس الكبار ، فسعر طقم ولادي وصل الى خمسين ألفاً ، وأغلب تلك الملابس مخزنة ، وذات نوعية غير جيدة بالنسبة للأقمشة.
*أسعار كاوية..
تقول “عبير” وهي الطالبة الجامعية قصدت السوق المقبي لأنه أرخص من غيره ، ولكن مع هذا الأسعار كاوية ، وقد جمعت مبلغ مئة ألف ليرة لمناسبة العيد ، اشتريت بها بنطال جينز وطني وبلوزة .
*الشراء للأطفال فقط..
أما “رانيا الأحمد” وهي أم لطفلين فقالت : نزلت لأشتري حذاء لابني وبدلة جديدة ، ولكن غلاء الأسعار والذي زاد أضعافاً عن عيد الفطر سيجعلني اتوجه للبالة رغم غلاء أسعارها ، ولكن تبقى مناسبة نوعاً ما ، وملجأنا نحن الدراويش لقضاء حوائج أولادنا ، فالعيد بالنسبة للاولاد هو ثياب جديدة ، ونحاول قدر الإمكان إسعادهم ولو بقطعة جديدة واحدة ننسقها مع أخرى قديمة .
*لا حسيب ولارقيب..
وبمتابعة جولتنا تراوحت أسعار “بنطال الجينز” بين ٤٥ ألفا و٥٢ ألفاً ، أما الاجنبي منها كما ادعى أصحاب المحال فتبدأ من ٦٠ ألفاً وتصل الى ١٢٠ ألف ليرة ، وهنا نتساءل كيف وصلت تلك البضاعة الأجنبية لهم ؟!
أما الكنزات النسائية والرجالية فتبدأ من ٢٥ ألفاً وحتى ٨٠ ألف ليرة. أما الأحذية النسائية فتتراوح أسعارها من ٣٠ ألفاً وحتى ٦٠ ألف ليرة طبعا هذا في الاسواق الشعبية ، ولترى القطعة ذاتها في نفس السوق بأسعار متفاوتة ، وأغلب الباعة يبيعون على هواهم ، يرفعون وينزلون ، مستغلين مناسبة العيد ، دون حسيب أو رقيب من دوريات تموينية او غيرها.
*عزوف عن شراء الملابس والحلويات ..
“أم ابراهيم” موظفة وزوجها موظف أشارت الى أنها لن تشتري هذا العيد شيئاً لأطفالها وكذلك الحلويات، مبينة انها كانت تصنع أقراص العيد سابقا بدل شراء الجاهز ، ولكن غلاء مستلزمات الحلويات من طحين وسمنة وغيرها جعلها لاتفكر بصنعها، إضافة لانقطاع الكهرباء الطويل، متساءلة بأسى أين الرقابة.
*بهرجة إعلامية !
وذكرت “أم ابراهيم” أنها امام ذلك الغلاء زارت مهرجانات التسوق فوجدت انها لاتختلف كثيرا عن أسعار المحال التجارية ، وإن انخفضت قليلا فالنوعيات ( ستوكات ) وأيدتها في الرأي السيدتان “سحر وردينة” في أن كل مايسوق عن البيع بأسعار مخفضة غير صحيح ، وهي بهرجات إعلامية وإعلانية .
*وضع السوق وأسباب الغلاء..
ووصف لنا أحد المواطنبن وضع السوق اليوم في الأيام العادية قائلا : هناك كساد غير مسبوق ، وأنواع البضائع أقرب للرديئة ، كي تناسب القدرة الشرائية للاغلبية ، مع اسعار تعتبر عالية للقدرة الشرائية للمواطنين ، وبيت القصيد هنا ليس غلاء الاسعار ، وإنما لم يعد هناك قيمة لما يوجد في جيب المواطن، مشيرا الى أن العامل الاساسي الذي كان السبب في رفع الأسعار هو ارتفاع اسعار المحروقات ، وأساسها المازوت ، والذي بدأت تظهر ملامحه على كل متطلبات الحياة اليومية ماعدا الهواء الذي نتنفسه، إضافة الى الضرائب العالية، ورفع الدعم أخيرا ، والذي بدوره انعكس على كل متطلبات الحياة ، هذا كله في الحياة اليومية خارج نطاق المناسبات والاعياد وأضاف : أما اذا دخلنا في فترة الاعياد فيكون هناك طلب عام من المجتمع بأكمله على الاطعمة والالبسة مما يجعل الطلب أكثر على مستلزمات الإنتاج واهمها المازوت بديلا عن الكهرباء ويعتمد عليه في النقل والشحن ، والغاز والذي هو أيضا أساسي في صناعة الاطعمة والحلويات وكل ذلك سوف ينعكس على سعر السلعة النهائي ، فلو كانت اسرة مؤلفة من اب وام واربعة اولاد متوسطي الأعمار ، وطبعا نحن في أشهر الصيف ، والذي يكتفى ببنطلون وبلوزة او قميص وحذاء وطني طبعا من ارخص الانواع ، فإن سعر البنطلون 50 الفا والقميص او البلوزة 40 الفا والحذاء 40 الفا يعني ان كل ولد سوف يكلف
130 ألف ليرة ضرب اربعة يساوي 520 ألف ليرة سورية، دون شراء اي قطعة للأب والأم ، واذا أردنا أن نشتري ارخص نوع من الحلويات فتبدأ الأسعار بحدها الأدنى ب 40 ألف ليرة ، وأقل مايمكن شراؤه 3 كيلو ، ليبلغ سعرها 120 ألف ليرة .
يعني بالمختصر المفيد رب الأسرة يحتاج الى 750 الفا لتغطية نفقة العيد في الحد الادنى ومن أردأ المواصفات، دون أن نتكلم عن مصاريف البيت الاعتيادية وأجور المواصلات والفواتير والأدوية .
‘* تنظيم الضبوط غير الرادعة..
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بطرطوس “بشار شدود” أشار الى أن دورياتهم التموينية تقوم بعملها ومراقبتها لكل مخالف وخاصة خلال الأسابيع التي تسبق أيام العيد ، وبالنسبة لوجود بضاعة مصدرها أجنبي سواء أكانت غذائية أم ملابس وأحذية نقوم على الفور بمصادرتها وتنظيم الضبوط العدلية ، وقد بلغ عدد الضبوط المنظمة خلال العشرة الايام الماضية ٢٥ ضبط بضاعة أجنبية ، كما تم تنظيم الضبوط بكل مخالف بعدم الإعلان عن التسعيرة ،وقد بلغ عددها خلال أسبوع ٣٠ ضبطاً وعدم حيازة فواتير خمسين ضبطاً ، وعدم تقديم بيان تكلفة عشرة ضبوط ، مشيرا الى أن أنهم مستمرون بتكثيف دورياتهم خلال أيام العيد لقمع كل مخالفة .
*وأخيرا ..
تغيب مظاهر التسوق وسط انعدام الرقابة وغلاء لايرحم، هو في حالة استعار دائمة ، دون أن تكلف الجهات المعنية نفسها التفكير بحلول تكبح ذلك الغلاء وترحم أصحاب الدخل المحدود وماأكثرهم ، ولتكتفي بتسطير الضبوط التي لاتردع ، ودعوة المواطن لانتهاج ثقافة الشكوى ، ووضع اللوم عليه ، والذي بدوره رفع الراية البيضاء منذ زمن مسلماً ، ووصل لمرحلة من اليأس بعد مطالبات ومناشدات برفع الأجور ، كي تتناسب مع الغلاء الذي عمّ كل شيء ، وليكون تسكين اوجاعه وإبرة البنج لهم افتتاح مهرجانات تسوق هي للبهرجة الإعلامية فقط ، وبأسعار لاتختلف عن باقي الأسواق التجارية في تحليقها ، وإن انخفضت قليلا فالأنواع رديئة ، وقد عُرضت لتصرف في تلك المهرجانات بسبب كسادها.