الثورة – رشا سلوم:
واحد من أهم مبدعي القصة القصيرة في العالم لا تمر ذكرى وفاته دون محطات كثيرة يستعيد فيها الإعلام الثقافي الورقي والالكتروني محطات في حياته وتحتفي روسيا بندوات عن إبداعه.
كان لافتاً هذا العام وفي ذكرى رحيله استعادة اللحظات الأخيرة من حياته وكيف واجه الموت ففي ١٥ تموز من العام (1904 رحل تشيخوف. وحتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، كان تشيخوف رقيقاً للغاية، كحاله طوال حياته. كان يقلقه شيء واحد فقط: ألا يزعج أحداً. وحين ساءت حالته ليلة الثاني من يوليو” تموز ” من عام 1904 في منتجع بادن فيلر، طلب استدعاء الطبيب، لكنه تمنى عدم إيقاظ الصبي لكي يذهب من أجل إسطوانة الأكسجين. فهو لن يجد الوقت الكافي في جميع الأحوال.
جاء الطبيب، فخاطبه تشيخوف بألمانيته المحدودة:
«إيخ شتيربي – إنني أموت!». وبعد سنوات علّقت زوجته أولجا كنيبر على هتافه هذا: «إنني أموت!» كرّرها تشيخوف بالروسية، كما لو أنه يترجم صيحته الأخيرة لزوجته التي ترافقه في رحلته الأخيرة. وبهدوء دون أي اختناق مبرّح، وهذا نادراً ما يحدث عند وفاة المصابين بالسل)
محطات..
طبيب وكاتب مسرحي ومؤلف قصصي روسي كبير ينظر إليه على أنه من أفضل كتاب القصص القصيرة على مدى التاريخ، ومن كبار الأدباء الروس. كتب المئات من القصص القصيرة التي اعتبر الكثير منها إبداعات فنية كلاسيكية، كما أن مسرحياته كان لها تأثير عظيم على دراما القرن العشرين. بدأ تشيخوف الكتابة عندما كان طالباً في كلية الطب في جامعة موسكو، ولم يترك الكتابة حتى أصبح من أعظم الأدباء، واستمرّ أيضاً في مهنة الطب وكان يقول «إن الطب هو زوجتي والأدب عشيقتي.
وحسب الموسوعة الحرة فقد
تخلى تشيخوف عن المسرح بعد الاستقبال الأولي الفاتر لمسرحية النورس في عام 1896، ولكن تم إحياء المسرحية في عام 1898 من قبل قسطنطين ستانيسلافسكي في مسرح موسكو للفنون، التي أنتجت في وقت لاحق أيضًا العم فانيا لتشيخوف وعرضت آخر مسرحيَّتين له وكان ذلك لأول مرة، الأخوات الثلاث وبستان الكرز، وشكلت هذه الأعمال الأربعة تحديًا لفرقة العمل وكذلك للجماهير، لأن أعمال تشيخوف تميز بـ”مزاجية المسرح” و”الحياة المغمورة في النص”.
كان تشيخوف يكتب في البداية لتحقيق مكاسب مادية فقط، ولكن سرعان ما نمت طموحاته الفنية، وقام بابتكارات رسمية أثرت بدورها على تطوير القصة القصيرة الحديثة. تتمثل أصالتها بالاستخدام المبتكر لتقنية تيار من شعور الإنسان، اعتمدها فيما بعد جيمس جويس والمحدثون، مجتمعة مع تنكر المعنوية النهائية لبنية القصة التقليدية. وصرح عن أنه لا للاعتذارات عن الصعوبات التي يتعرض لها القارئ، مصرًا على أن دور الفنان هو طرح الأسئلة وليس الرد عليها.
متحف رسائل تشيخوف
وعن رسائل تشيخوف كتب جودت هوشيار قائلاً:
تشكل رسائل انطون تشيخوف إحدى أهم مجموعات الرسائل في التراث الأدبي الكلاسيكي الروسي ,وهي تؤلف 12 مجلداً يحتوي على ( 4400) رسالة كتبها تشيخوف على مدى 29 عاماً من 1875 إلى 1904. وهذا العدد لا يشكل سوى جانباً من رسائله. ويعتقد أن عدد رسائل تشيخوف لا يقل عن ( 10000) رسالة فقد ضاع الكثير منها خلال الحروب والأحداث العاصفة التي شهدتها روسيا في النصف الأول من القرن العشرين.
كان تشيخوف خلال إقامته في ضيعته المسماة ” ميليخوفا ” بين عامي 1892- 1899) يكتب مئات الرسائل شهرياً. وكان يجد صعوبة في إرسالها، حيث كان مكتب البريد بعيداً عن منزله، فاقترح على السلطت أن يبني هنا مكتباً للبريد على حسابه الشخصي، واستجابت السلطات لمقترحه وتم افتتاح مكتب البريد عام 1896.
تحول هذا المكتب في أيامنا هذه إلى متحف تعرض فيه رسائله التي نجت من الضياع. و لهذه الرسائل أهمية معرفية هائلة، فهي تعكس بعمق بالغ، نبض الحياة الثقافية والاجتماعية لروسيا بأكملها في نهاية القرن التاسع عشر والسنوات الأولى من القرن العشرين. وتدل على علاقات تشيخوف الواسعة مع أصحاب دور النشر ورؤساء تحرير المجلات الأدبية والأدباء والقراء. وكل رسالة من رسائل تشيخوف تحفة أدبية لكاتب عظيم وإنسان فذ، لا يجود الزمن بمثله إلا نادراً.