الثورة – فاتن أحمد دعبول:
حمل الحوار الذي أجراه الكاتب (أبيّ حسن) مع الشاعر هادي دانيال عنوان “صائغ التبر الذي رأى” وهو حوار أقرب إلى السيرة الذاتية المنطوية على جوانب من حياته المهنية في الصحافة، خاصة في مجلة الهدف التي أسسها الشهيد غسان كنفاني، وكذلك حياته النضالية من خلال انخراطه المبكر مع إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وعمله في إعلامها في بيروت، ومن ثم الهجرة معها إلى تونس كتأكيد منه على خياره أنه مع فلسطين حيثما تكون.
يقول الكاتب حسن: هادي دانيال غادر سورية وهو فتى، مخلفاً مدرسته وكتبها ومدرّسيها، تاركاً أهله وجيرانه وخلانه، مصغياً لصوت أحلامه التي كان يصوغها شعراً في حدائق دمشق، وليدخل بيروت، وهناك يشتهر ويعرف كأحد شعراء الثورة الفلسطينية، وكان شعره أشبه ما يكون بالذهب المصفى، ومن يقرأ نثره سيلحظ أن صياغته في النثر لا تقل عنها في الشعر، وتحار وأنت تقرأ، أيهما أعذب، شعره أم نثره، من هنا هو صائغ تبر القصيدة والكلمة بامتياز.
ويسهب في هذا الحوار مع هادي في الحديث عما كابده على الصعيد الشخصي من معاناته كشاعر من خلال انتحال” الصحفي” السوري نزار نيوف ليس فقط لنتاجه الأدبي والشعري، إنما لاسمه وشخصيته أيضاً، ويحاول أن يلتقط ما أمكنه من تاريخه الثري والناصع، وأن يغرف من معين ذاكرته النضالية والثقافية قدر استطاعته.
وفي هذا الحوار يتطرق إلى رؤى الشاعر دانيال حول الأدب والسياسة والراهن السوري، وخصوصاً أن للشاعر دانيال ستة كتب في النقد الأدبي وما يماثلها في السياسة، فضح من خلالها وفي وقت مبكر زيف الربيع العربي الذي رأى أنه ربيع صهيوني بامتياز.
هذا إلى جانب علاقته بالشاعر سعدي يوسف الذي كرر مأساة جده امرؤ القيس، وإلى نظرته لتقدم المجتمع الذي يربط عجلة تقدمه من خلال واقع المرأة فيه، ولم ينس التطرق إلى ظروف وملابسات قرار ترحيله من تونس أواخر حكم الرئيس الحبيب بورقيبة، ويعرج بدوره على الموقف التونسي من الكارثة السورية.
ومحاور كثيرة تطرق إليها الحوار مع الشاعر والكاتب والمناضل العريق، السوري المولد، والانتماء الفلسطيني، الموقف والخيار، هادي دانيال، واسمه عبد الهادي دانيال، ما يؤكد سعة ثقافته واطلاعه وتجربته الغنية.
ومن آرائه نقتطف:
” من موقع الشاعر ومن كوني قارئاً أيضاً ومتلقياً للفنون كافة، أرى أن الحركة النقدية العربية في حالة موت سريري، والسبب عندي هو القطيعة، ليس فقط بين عامة الناس، بل وأيضاً بين النخب الثقافية العربية من جهة، وبين تلقي الفنون والآداب من جهة أخرى، فباتت هذه القطيعة ظاهرة وبائية..
فالكتب مكدسة كبضاعة كاسدة في معظم دور النشر، وقاعات عرض الأفلام السينمائية والأعمال المسرحية والموسيقية واللوحات تتناقص إلى أن باتت نادرة.. وإذا كانت الجامعات بكلياتها المختصة تدرس مناهج نقد الآداب والفنون، فهذا ليس شرطاً كافياً ولا رئيساً لبروز نقاد ونقد، فأول شرط كي تصبح ناقداً أدبياً أو فنياً هو مراكمة تلقيك الآداب والفنون قديمها وحديثها..”.
وجدير ذكره أن الكاتب (أبيّ حسن) صحفي سوري، ومجاز في الصحافة من جامعة دمشق، أسس موقع فينكس الإخباري الذي يشرف على إدارته وتحريره منذ العام 2011.
من إصداراته” طلب مقابلة، مسرحية عام 1996، بعض ما جرى للمغترب غريب، رؤية علمانية للإسلام، حوار مع الدكتور محمد شحرور.