لم تكن اعترافات مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون حيال ضلوع بلاده في التخطيط لانقلابات في الكثير من دول المنطقة والعالم الأولى من نوعها، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، لكنها تسلط الضوء مجدداً عن حقيقة السياسات والأجندات الأميركية التي لطالما حملت الفوضى والدمار والخراب والإرهاب.
اعترافات بولتون، تضاف إلى اعترافات كثيرة سابقة لمسؤولين أميركيين فضحوا وكشفوا دور الولايات المتحدة في تدمير و زعزعة استقرار العديد من الدول، لاسيما الرافضة والمناهضة لمشاريعها وسياساتها الاحتلالية والاستعمارية، وهو الأمر الذي من شأنه أن ينسف كل ادعاءاتها بحرصها على إرساء دعائم الأمن والسلام وإشاعة الحريات والحقوق والديمقراطيات التي أصبحت مجرد كذبة وشعارات ومطية وذريعة لها لاحتلال الدول وضرب مقوماتها ونهب خيراتها وثرواتها.
أميركا اليوم في أسوا حالاتها على الإطلاق، في ضوء تراجع دورها ونفوذها، وخصوصاً بعد العملية الروسية لحماية المدنيين في أوكرانيا، والتي صدعت أركان الغطرسة والغرور والهيمنة الأميركية، وهذا ما يدفعها إلى مزيد من التصعيد على كل الجبهات وبشتى السبل والوسائل، ولعل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة وفي هذا التوقيت تحديداً تندرج ضمن هذا السياق، سياق التصعيد الأميركي الذي يهدف إلى توتير الأجواء و زعزعة استقرار المنطقة والدفع بالأمور إلى أتون الحروب والفوضى.
واشنطن في أمس الحاجة إلى من ينزلها من أعلى الشجرة، لكنها تخطئ إن كانت لا تزال تعتقد ان الإصرار على التشبث بسياسات التصعيد وإشعال الحرائق سوف يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، في وقت كان الأجدى بها أن تتعاطى مع التحولات والمستجدات بكثير من البراغماتية والواقعية، بعيداً عن طموحاتها وأجنداتها الاستعمارية هي وحلفاؤها والتي لن تأخذهم إلا إلى الهاوية.