“يمكنني أن أتخذ من أي فضاء خالٍ مسرحاً عارياً.. البعض يعبر بهذا المكان، بينما أتأمله أنا، وهذا ما أحتاج إليه لأصنع عملاً مسرحياً”
إحدى مقولات المسرحي البريطاني بيتر بروك الذي رحل عنا بداية الشهر الحالي، ليخسر المسرح أبرز مخرجي القرن العشرين، مؤسس المركز الدولي للبحوث المسرحية في “تياتردي بوف دو نور”.
التوحد الحار بين مكونات الخشبة والجمهور هي ما سعى “بروك” للاشتغال عليها، فتغييب النص الجاهز واعتماد الارتجال بدءاً من حوار يبدأ من ملمح معين، ومن ثم يقودنا مع الممثلين إلى اتجاهات تتطور من خلال تفاعلنا مع العرض، الذي يشغل الخشبة بأحداث الحياة المبتكرة على طريقة بيتر بروك بحيث نرى علاقة تعيننا على التفكير عبر المسرح في الحياة.
هنا تصبح “المساحة الفارغة” فضاء تشاركياً ينمو بتفاعل الجمهور الشريك في اللعبة المسرحية وقد يندمج باللعبة تلقائياً الى أن يكتشف أهمية دوره في تطور الأحداث، بحيث تجعل التفاعلية المتعددة من العرض الواحد يتبدل على إيقاع الجمهور المتبدل.
مع التغير ومع وضع الناس في قلب اللعبة المسرحية التجريبية المهم الأثر لدى متفرج خاض اللعبة بمزاجه واعتنق التغيير بما ينعكس حساسية إنسانية على بيئته.
المسرح لدى بيتر بروك تشغله وظيفة لا مجرد أفكار أو حالة وعظيه، إنه طقس جماعي يستمد مادته من ثقافات متعددة، مثل أفريقيا واليابان وإيران…دون أن ننسى تأثره الكبير بشكسبير حيث اشتغل على مسرحيات مثل” روميو وجولييت، هاملت، حكاية الشتاء…
ربما أهم ما تركه لنا بيتر بروك بعد رحيله، عدا عن إرثه المسرحي، تلك الأفكار التي تؤمن بالاختلاف، وبعدم امتلاك اليقين أو حقيقة واحدة فمع مضي الزمن يتغير العالم ونتغير وتتبدل الأهداف ووجهات النظر.