الثورة – تعليق ريم صالح
كمن يسكب زيتاً على النار، فيزداد لهيبها، لتحرق كل من حولها.. هو حال ما يقوم به الاتحاد الأوروبي اليوم في كل ما ينتهجه من سلوكيات، ويتخذه من مواقف، وقرارات، حيال موسكو.
فإن يوافق مجلس الاتحاد الأوروبي على تخصيص رزمة خامسة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون يورو، ليصل إجمالي التمويل لتسليح كييف إلى حوالي 2.5 مليار يورو، لا يعني إلا أن هذا الاتحاد عازم على المضي قدماً في طريق البارود والنار، وأنه ليس معنياً على الإطلاق، بأي مبادرة من شأنها إحلال السلام، وإنما المضي قدما في سياساته الخطيرة، والتي تدفع الأمور إلى الانزلاق نحو حرب واسعة النطاق، لن تكون الدول الأوروبية نفسها بمنأى عن تداعياتها الكارثية.
هي أرقام هائلة إذن، فالتمويل لتسليح كييف وصل إلى حوالي 2.5 مليار يورو، كما وصلت المساعدة الإنمائية الرسمية لفريق أوروبا إلى 70.2 مليار يورو في عام 2021، وهي مبالغ خيالية خصصها الأوروبيون لدعم أوكرانيا عسكرياً، لعلهم بذلك يحققون ما ترنو إليه الولايات المتحدة، وبما يخدم مصالحها الاستعمارية التوسعية، حتى على حساب مصلحة الأوروبيين أنفسهم، إذ بات من الواضح أن واشنطن هي من تتحكم بالقرار الأوروبي، فيكفي أن تقول للحكومات الأوروبية ادفعوا ذلك لأوكرانيا ليدفعوا، أو تقول لهم خصصوا هذه الشحنات العسكرية لها ليفعلوا ذلك.
اللافت هنا كان الموقف الذي عبر عنه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، والذي رحب عبر صفحته على “تويتر” بالاتفاق السياسي لمجلس الاتحاد الأوروبي بخصوص الشريحة الخامسة من الدعم العسكري لأوكرانيا، الأمر الذي يعني أنه بصفة رسمية، وبصفة شخصية أيضاً يرحب باستمرار عجلة الموت، وبقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين بأسلحة غربية، وتوجيهات أمريكية، بينما وعلى النقيض من ذلك تماماً كان الموقف الروسي والذي كان حاسماً، ومعبراً، وفيه الكثير من الدلالات، وذلك عندما قال النائب الأول لممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، بأن روسيا لن تنسى كيف قامت الدول الغربية بتزويد كييف بالأسلحة، التي مات بسببها مدنيون أوكرانيون وروس، مضيفاً في تصريح لراديو “TNT”، أن إمداد الأسلحة وقتل الأشخاص بأسلحة غربية تجربة مؤلمة للغاية، لا أعرف كيف نتغلب عليها.
أما نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف فأكد بدوره أن واشنطن مستمرة في ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا دون أي رادع وعدم أخذ العبرة من فشلها الكبير في أفغانستان، مشيرا إلى أن أوكرانيا تتحول بسرعة فائقة إلى شفاطة قوية للسلاح الأمريكي وقال:” إن وزارة الدفاع الأمريكية تنكر كل شيء وتخلق الأكاذيب وتقوم بقمع أي صوت يحاول الاعتراض”.
دول الاتحاد الأوروبي هي أكبر الخاسرين جراء الانجرار خلف السياسة الأميركية، ويكفي ما تنشره وسائل الإعلام الأوروبية حول الارتدادات العكسية للدعم الأوروبي لنظام كييف، وما تخلفه أيضا سياسة العقوبات ضد روسيا من أزمات طاقة متفاقمة يدفع الأوروبيون ثمنها، ولعل ما ذكره الصحفي الألماني إريك بونزيه، يختصر مشهد التخبط الأوروبي في مستنقع الفشل، إذ قال في مقالة لموقع Telepolis، إن السياسة المحلية الفاشلة والعقوبات ضد روسيا، تدفع الاتحاد الأوروبي نحو “أزمة كبرى” بعواقب لا يمكن التكهن بها.
وذكرت المقالة بحسب وكالة نوفوستي، بأن “الوضع في أوروبا كان متوترا قبل فترة طويلة من تصاعد الأزمة الأوكرانية: ارتفع معدل التضخم، وتعالت المضاربات في سوق الطاقة بشكل مفرط، ولم تتمكن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة من الاتفاق على عمل مشترك، واضطر البنك المركزي الأوروبي لدفن رأسه في الرمال. وفي نفس الوقت تسبب فرض عقوبات على روسيا بتقلبات في السوق وزيادة الأسعار، ومع ذلك تم تجاهل المخاطر والآثار الجانبية لعقوبات الاتحاد الأوروبي. والآن لاحت النتيجة في الأفق. وهذا مريع”.
