الثقة والغرور وخيط التواضع

الثورة – حسين صقر:

أن تكون واثقاً من نفسك فهو أمر إيجابي يساعدك لتصل لما تصبو إليه دون أي خوف وارتباك، وأن تبالغ في تلك الثقة فقد تصبح معرضاً للإصابة بالغرور الذي يكشف ضعفك في لحظة كنت بها قوياً، ومع تداخل مشاعر الإنسان التي غالباً ما يفصلها شعرة فقط، يصبح التمييز بين الثقة بالنفس والغرور أمراً صعباً، وتبدأ أحكام الناس الجائرة، ومنهم من ينبري للدفاع عنك بأنك شخص متواضع لكن واثق من نفسك، وآخرون سوف يتصدون لذلك الدفاع باتهامك بالعنجهية والتفاخر والغرور، وأن ما يصدر عنك لا يمثل سلوك الإنسان السوي المتزن.
قصص كثيرة سمعناها وأشخاص كثيرون نعرفهم عن قرب، وصلوا لمرحلة متقدمة من الغرور نتيجة الثقة الزائدة عن حدها بالنفس، ونسمع بأنهم خسروا الكثير نتيجة ذلك الغرور، وبدل من أن تتحسن أوضاعهم فقد حصل لهم العكس.
وعلى الضفة الأخرى أيضاً أناس كسبوا الكثير معنوياً و مادياً، ولكن خسروا المجتمع نتيجة وصولهم إلى مرحلة اللاعودة في التفاخر والحديث عن الذات، ومنهم من كان مميزاً في عمله، حتى وجد نفسه وحيداً ومادة دسمة لحديث أترابه وزملائه وأصدقائه.
بعض الدراسات النفسية أجريت على شريحة واسعة من هؤلاء توصلت إلى مدى أهمية نظرة الإنسان إلى نفسه وتفجر قوته من داخله، لكن شرط أن يحاول إخماد تلك القوة كلما اقتضى الأمر والانتباه لسلوكه وحديثه مع الآخرين، لأن المحيط سوف يبدأ بمراقبته، ويلحظ تصرفاته ويضعه في عين الترقب والمتابعة، ولهذا لا بد للشخص الذي يشعر بأنه بات متجهاً نحو طريق الغرور، البدء بمراجعة حساباته، ومحاولة توجيه طريقة تفكيره بشكل سليم قبل أن تتفاقم حالته ويصبح عرضة للانتقاد من أقرب الناس له، لأن مشاعر الإنسان المتقاربة من بعضها يمكن أن تتداخل ضمن دائرة مشاعر أخرى، ومن هذه المشاعر القريبة جداً الغرور والثقة بالنفس. وكما يقال: المغرور كالديك الذي يظن أن الصبح لا يطلع إلا بصياحه، بينما الواثق من نفسه هو الشمس التي تشرق بدفئها على الذات وعلى من حولها لتنشر الضوء والطمأنينة في النفوس، ولهذا فالفرق بين الغرور والثقة خيط رفيع يسمى التواضع، حيث الثقة هي تقدير الإمكانات التي يمتلكها الشخص، وحسن استخدامها لحل المشكلات بشكل سهل وبعيداً عن التشنجات والعصبية، ويرتبط فيها احترام وجهات نظر الآخرين وآرائهم، وأفكارهم، واستخدام الطّرق الراقية لحل الخلافات بين الناس، وإقناعهم، بينما الغرور هو الشعور بالعظمة وزعم الكمال بكل شيء، والظن بأن ما يستطيع المغرور القيام به، لا يقوى أحد على القيام به، متناسياً أن الكمال لله وحده، وكل مخلوق في هذا الكون يعاني من نقص بالضرورة يكمله شخص آخر يتصف بما يفتقره الأول، في الوقت الذي يعاني فيه الشخص الآخر أيضاً من نقص ما في حاجاته.
ومن هذا المنطلق إن الفرق بين الغرور والثقة بالنفس فاصل بسيط قد لا يرى، وكلما زادت الثقة بالنفس فإنّها تؤدي إلى الشعور بالغرور، وكلما وقف الواثق من نفسه عند حد معين في الحديث والعمل والسلوك كلما ارتفع في عيون الناس وكل من حوله، بينما المغرور كلما تمادى وأسرف في نرجسيته صغر في ذات العيون وأصبح فارغاً، وانعكس ذلك على علاقاته، لأنه كلما شعر بالامتلاء وعدم الحاجة لآراء الغير وأفكارهم وما يملكون كلما بدأ بالتهاوي والسقوط وأعطى فكرة كاملة عن عدم نضوجه وهشاشته من الداخل والخارج.
قد يذهب البعض إلى تفسير الغرور بأنه ردة فعل على فقدان الثقة بالنفس، حيث يحاول الشّخص المغرور تقديم شيء مغاير لما يشعر به لأنه لا يستطيع مواجهة نفسه وشعوره بعدم الثقة، لكن الأمر ليس كذلك، لأنه يمكن تنمية الثقة بعدة طرق أهمها الحديث مع الذات والوقوف على نقاط ضعف الشخصية، حيث يشعر البعض بأنه غير جدير بتلك الثقة ويستمر بترديد ذات العبارة فيتحول دون أن يشعر إلى إنسان مغرور.
ويمكن تنمية الثقة عبر النّظر إلى نجاح الآخرين وكأنه نجاحه، وأن سعادته وغناه لن تنقص من سعادته أو تقلل من رزقه.
بالإضافة لذلك تتعزز الثقة الحقيقية بالنفس من خلال القراءة وزياة الثقافة العامة، وهذا يجعل من الشّخص قادراً على إعطاء رأيه بشكل سليم، والمشاركة بالنقاشات وحل المشكلات و الابتعاد عن مقارنة النّفس بالأشخاص المحيطين مهما كان وضعهم.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة