“سورية والجزائر دولتان شقيقتان تتقاسمان الأمجاد والبطولات”، هذه الحقيقة الراسخة التي أكد عليها وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة القادم من بلد المليون ونصف المليون شهيد، إلى دمشق قلب العروبة النابض وصخرة المقاومة والصمود، تجسد متانة وصلابة العلاقات الثنائية المبنية على واقع تاريخي صلب، رسخه النضال والكفاح المشترك ضد الإرهاب والاستعمار.
زيارة الوزير الجزائري جاءت في ظل التعقيدات الحاصلة على مشهد الأحداث الدولي، بسبب السياسة الأميركية الهدامة، وما تفرزه من تحديات كبيرة على الواقع العربي الراهن، الذي تنخره التدخلات الأميركية والغربية لتكريس حالة الشرذمة، ومحاولة توسيع رقعتها لتمرير المخططات والمشاريع الاستعمارية التي تستهدف الوجود العربي ككل، ولطالما شكلت سورية والجزائر خط الدفاع الأول عن القضايا العربية، ومدتا جسور التعاون لدرء الأخطار المحدقة بالأمة العربية، وبالتاريخ المشترك لشعوبها.
أبعاد الزيارة ودلالاتها لا تقتصر على مسألة الحديث عن عودة سورية إلى الجامعة العربية، وإنما تتعداها لضرورة تعزيز التنسيق والتشاور بين البلدين إزاء التحديات التي تواجه دول المنطقة، وبما يخدم المصلحة العربية المشتركة، إذ تشكل مسألة تعزيز التضامن العربي، وتحسين مستوى العمل العربي المشترك، هماً مشتركاً لكل من سورية الجزائر، وبغض النظر عن حضور سورية للقمة العربية القادمة من عدمه، فهي ما زالت متمسكة بنهجها المقاوم لكل المخططات الأميركية والغربية، وقرار تعليق عضويتها في الجامعة لم يثنها يوماً عن مواصلة هذا النهج، ولم يؤثر أيضاً في موقعها ودورها السياسي الفاعل في الدفاع عن القضايا العربية، ولعل تأكيد الوزير الجزائري أن العالم العربي بحاجة إلى سورية وليس العكس، يثبت صوابية الموقف السوري تجاه ما يواجه الأمة العربية من تحديات تستوجب وحدة الصف لمواجهتها والتغلب عليها.
يحسب للجزائر وقوفها إلى جانب الشعب السوري بمواجهة الإرهاب، وأنها الدولة العربية الأكثر ثباتاً ووضوحاً بمقاربتها وتعاطيها مع الأزمة في سورية منذ بداية الحرب الإرهابية، وهي التي سبق أن واجهت الإرهاب ذاته خلال العشرية السوداء، ويحسب لها موقفها الرافض لتعليق عضوية سورية في الجامعة العربية، وتمسكها بموقفها العروبي بضرورة عودة العرب إلى سورية، إيماناً منها بأن “الجامعة” لن يكون لها أي وزن أو قيمة من دون سورية، فمتى سيدرك بعض العرب أن مصلحتهم هي في الوقوف إلى جانب سورية، وليس الاصطفاف إلى جانب أعدائها؟.