المناخ كله يتغير ليس الطقس فحسب، فالأمطار وحتى الثلوج باتت حدثاً غير مستهجن في الصحارى والبوادي في بعض الدول الإقليمية التي كانت تسجل أعلى معدلات الجفاف العالمية، والسيول الصحراوية باتت تُحبس في سدود سيلية للإفادة منها في توطين استراحات الطيور المهاجرة، التي كانت أريافنا استراحة طبيعية لها في هجرتيها السنوية.. ونحن متفرّجون..
هو تغير عالمي في كل دول العالم التي تتسابق في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة هذه التحديات، في حين نبدو مطمئنين للغد المناخي وما يستتبعه من انعكاس على الزراعة والحراج والغطاء الشجري والنباتي، التي يتسابق الجفاف مع الحرائق في مسحها، وهي ناحية شديدة الغرابة..!!.
حتى اليوم لم يُلمس تغير يذكر على الروزنامة الزراعية، بل يمكن لقارئها أن يعتقد أنه يقرأ روزنامة ما قبل الحرب في جزء كبير منها، في الوقت الذي يمكن فيه تغيير واقع الحال ولو ضمن المتاح، فمحاصيل كثيرة لا زالت تصنف ضمن مناطقها التقليدية على الرغم من تراجعها كثيراً في تلك المناطق، وتجاهل توطينها في مناطق زراعية أخرى، ناهيك عن التشجير والتحريج وتعويض الفاقد الأخضر في الغالبية العظمى من المناطق.
المسألة ليست مجرد عمل يُؤدّى، بل هي مستقبل وطن وأجيال كثيرة ستعيش على هذه الأرض، ومن الواجب علينا الحفاظ على ما بين الأيدي من الموارد الطبيعية وترميم ما أُهدر منها نتيجة تعاملنا معها، بل إن الأمر في الواجب وقبل أن يكون تجاه المقبل من الأجيال هو تجاه الأجيال الحالية، والتي يمكن أن يُقدّم لها أفضل مما يقدم حالياً.. فقط بقليل من الجهد.
لا أحد يعرف على وجه اليقين -مثلاً- سبب اختفاء أسماك الكارب من سدود الساحل السوري بعد وفرة منها وصلت لحد بيع الفائض في أسواق السمك أو للقرى الجبلية البعيدة، في وقت يمكن فيه لكمية من بذورها أن تملأ هذه المسطحات المائية بلحم أبيض مجاني ودون الحاجة للعلف والعناية وسواها، وهو ما تم سابقاً وكان مصدراً مهماً للغذاء يومها، ولكن وبسرعة تدريجية اختفت تلك الأسماك ولم يعاود أحد زرعها من جديد.
طرق كثيرة ومختلفة يمكن من خلالها تطوير واقع الأرياف وتنمية مواردها على اعتبارها الخزان الزراعي للبلاد، كما هي خزان بشري بعد أن احتضنت الملايين من أبناء سورية الذين قطنوها هرباً من الإرهاب وما سببه من دمار وتخريب..
كما يمكن الاعتقاد جزماً أن الوقت لم يفت بعد.. حتى الآن..