لم تخلُ صياغة الخبر من تضليل وتشويش للمتلقي، وهو يقرأ عن الحسناء “مايا زيلو” متواجدة على مدرجات بطولة ويمبلدون الأخيرة، “البلوغر” التي تمّ توليدها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
مجرد لعبة تسويقية مدروسة، تهدف لزيادة الغموض حول هذه الشخصية (الرقمية)، وبالتالي تعزيز المتابعة للمحتوى الذي تُنتجه.
مؤخراً، تمّ تقديم بعض “المؤثرين الرقميين” كحيلة (تنويم)، لتقليص المسافة بين الواقعي والافتراضي…
ما الغاية من تكريس هذه الحيلة؟.
ولاسيما أن نسبة ليست قليلة من المتابعين لا يدركون أن هؤلاء “المؤثرين” غير حقيقيين، وهنا تكمن الخطورة.. لأن التفاعل حينها يُبنى على أساس عاطفي وإنساني، بينما الطرف الآخر ليس سوى كيان مبرمج.
السؤال الأكثر إلحاحاً: من نكون حين نقسّم وجودنا بين “واقعي”، وآخر “رقمي” نختبئ خلفه؟.
هل نهرب من الواقع؟.
هل نحاول تجميله أم تزييفه.. متوهمين أننا نعيد اختراعه..؟.
وإذا ما تطورت النماذج لتتفاعل صوتياً بأداءٍ يحمل نبرة عاطفية وليست آلية، فهل يُعدّ ذلك نقلة خطيرة باتجاه “الاحتيال العاطفي والمعرفي”..؟.
يبدو أننا نعيش عصر”الخداع الناعم”،ليس لأن البعض يهرب من الواقع نحو علاقات رقمية بلا التزامات، بل لأن التواصل “عن بُعد” أصبح الأكثر انتشاراً وتكريساً.
فالتقنيات الجديدة التي تحاكي الصوت والعاطفة، تقلّص يوماً بعد يوم المسافة بين “مايا” ومثيلاتها التي أوجدها الذكاء الاصطناعي، وبين أشخاص حقيقيين نعرفهم فقط عبر الإنترنت من دون أي تواصل مباشر واقعي.
مكمن الخلل حين لا يتم ضبط الفرق بين أن يحبني إنسان لا أعرفه واقعياً من خلف الشاشة، وبين أن تحبني خوارزمية تُحسن المحاكاة.
ألا يُضعف هذا من إدراكنا للواقع، ويجعل وجودنا ذاته قابلاً للبرمجة..؟.
السؤال الجوهري في عصر سيادة الذكاء الاصطناعي:من نكون، إذا صار الآخر الذي نثق به، نتحاورمعه، ونشاركه همومنا… مجرد “كود”؟