حماية الكبار

ذلك الرجل الذي يجلس وحيداً في غالب الأحيان، يتحرك ببطء وهو يجر قدميه المتعبتين، يرتدي أسمال بدلة كانت يوماً مؤشر الجمال ولباس المترفين، يرفع يديه ويحيي بعض الأشخاص، يحمل قطعاً مغلفة من الحلوى، يشرب مشروباً ساخناً، يرفع قدميه على صفيحة خفيفة الوزن، لا يكاد يخطىء تكرار أسلوب حياته اليومي بعدما أنهى عقده الثامن دون أسرة تحتضنه، فلم يتزوج ، ولم ينجب أولاداً، وقضى أمر الموت بحياة بعض إخوته، أو أبعدتهم الغربة في مجاهل الأرض.

ذلك الرجل الذي لا ينتبه لحاله أحد، كان حديث البلد والمنطقة في ماضي الأيام، وكان اسمه يعني القوة والنشاط والحيوية، وكان الكثيرون يحلمون بالحديث إليه أو اللقاء معه، فهو صاحب البطولات في ميدانه، وصاحب الأهداف والأرقام القياسية، وصاحب الجولات البطولية التي يتابعها الإعلام بدقائقها.

ذلك الرجل الكبير والمسن ليس الوحيد في حاله، حتى وإن أحاطت به أسرة تهتم لحاله وصحته وهندامه ونظافته وحتى تنقلاته من مكان لآخر، فثمة الكثيرون الذين دخلوا هذه المرحلة من العمر التي تمثل ٧./. من سكان العالم كما تشير دراسات اجتماعية معمقة، وهي قد ترتفع أكثر في بعض الدول والمجتمعات، لتختلف طريقة رعايتهم والاهتمام بهم وتكريم شيخوختهم بعدما أفنوا شبابهم في العمل والعطاء وتحقيق عوائد الخير في ميادين عملهم.

منذ أيام التقيت واحداً من أساتذتي الجامعيين وقد غزا الشيب كامل بقايا ما تبقى من شعر رأسه، وتهدلت طبقة الجلد في ساعده ورقبته، وتجاوز الثمانين من عمره في العطاء، لكنه ما زال يتمتع بكامل قواه العقليه، ويحتاج من يستمع لما عنده من أسرار وعلوم يختزنها ولم يوصلها بعد لمن يرى وجوب إيصالها.

أستاذي، وقبل أكثر من أربعين عاماً، لم يكن من السهل عليه أن يطلب إلى أحد طلابه مجالسته والحديث إليه بقضايا الفن والعمارة والسياسة والاقتصاد والثقافة وغيرها، لكنه بالأمس القريب لم يصدق أنه رآني وهو في الباب الخارجي للكلية، ليطلب إلي العودة إلى مكتبه ويستبقيني لديه لأكثر من ساعة، أعادني خلالها إلى محاضراته وشروحاته وهو يمسك باختصاصه بدقة كبيرة، ولا يغادر شاردة أو واردة بكثير من العزم والقوة والعطاء.

هذه نماذج من كبار السن الذين أردى بهم زمانهم بغض النظر عما يمتلكون من إرث أو يختزنون من مدخرات مادية أو غيرها ، إنهم يحتاجون يداً حانية تمتد لخدمتهم، ويحتاجون أذناً محبة وعيناً تحمل عطفاً تحيطهم برعايتها واهتمامها، فدور المسنين والعجزة ليست بالضرورة أن تكون وحدها المكان المناسب لرعايتهم والاهتمام بوضعهم النفسي قبل الصحي، ولقاؤهم مع الشباب والأجيال الأصغر تمنحهم الكثير من الشعور بالسعادة إلى أن يحين الأجل بالصورة المعقولة.

إننا أمام حالة أعداد متزايدة لآبائنا وأجدادنا الذين قدموا ومضوا دون أن نقدم لهم ما يستحقون.

آخر الأخبار
Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم الشعير المستنبت خلال 9 أيام.. مشروع زراعي واعد يطلقه المهندس البكر في ريف إدلب برونزية لأليسار محمد في ألعاب القوى استجابة لمزارعي طرطوس.. خطّة سقاية صيفيّة إيكونوميست: إسرائيل تسعى لإضعاف وتقسيم سوريا المجاعة تتفاقم في غزة.. والأمم المتحدة ترفض آلية الاحتلال لتقديم المساعدات أردوغان يجدد دعم بلاده لسوريا بهدف إرساء الاستقرار فيها خطوة "الخارجية" بداية لمرحلة تعافي الدبلوماسية السورية  الشرع يترأس الاجتماع الأول للحكومة.. جولة أفق للأولويات والخطط المستقبلية تشليك: الرئيس الشرع سيزور تركيا في الـ11 الجاري ويشارك في منتدى أنطاليا بعد قرارات ترامب.. الجنيه المصري يتراجع إلى أدنى مستوياته الأمم المتحدة تحذر من انعدام الأمن الغذائي في سوريا.. وخبير لـ" الثورة": الكلام غير دقيق The Hill: إدارة ترامب منقسمة حول الوجود العسكري الروسي في سوريا