الثورة – عبد الحميد غانم:
تعد المعركة التي تخوضها سورية ضد المشروع الصهيوني الأمريكي والغربي بكل أشكالها الإرهابية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية والإعلامية، وما يمثله هذا المشروع من نزعة نحو الهيمنة والسيطرة على مختلف مجالات الإنتاج الزراعي والاقتصادي والصناعي والفكري معركة قاسية بكل المقاييس.
وهي حرب ليست بالمعنى الضيق بل هي كما أكد السيد الرئيس بشار الأسد خلال لقائه الكتاب والأدباء العرب على هامش انعقاد مؤتمرهم في دمشق الأسبوع الماضي، حرب على الانتماء، ولعل أخطر ما يريده أصحاب هذا المشروع هو طمس الهوية العربية وإضاعتها وإعادة تركيب مصطلحات جديدة تناسب مشروعهم المعادي.
إن معركة المصير في حاجة إلى أن يساندها المفكر بآرائه، والكاتب بمقالاته، والشاعر بقصائده، والصحافي بتحليلاته، والمترجم بترجماته، فهذا الإنتاج الفكري هو الأجدر بالأمة في هذه الفترة من تاريخها، وهو الذي يمكنها من مواجهة تحديات العصر، ومواكبة الحضارة العالمية، مع الأخذ بعين الاهتمام الظروف الطارئة والأحداث الجسام التي تواجهها سورية والأمة العربية عموماً.
وهو ما يتطلب من المفكرين والأدباء والعلماء إنتاج فكر فعال يسهم في التوعية والتثقيف والتنمية وارتقاء المجتمع والأمة من حالة السكون والجمود إلى محاربة العقليات الخرافية ثم العمل على نشر التوعية والمعرفة وتربية النفوس وترقية الإنسان ونقله نحو فكر الأولويات في كل مجالات الإنتاج وليس فقط في المجال الاقتصادي بل الفكري أيضاً.
من هذا المنطلق، فإن معركة المصير التي تخوضها الأمة، وسورية بشكل خاص تستلزم من المفكر والأديب والكاتب الذي يعتبر حسب وصف السيد الرئيس بشار الأسد عقل الأمة وعقل الشعب، تحديد الموقف من التراث والمعاصرة والصيرورة ومواجهة حرب المصطلحات التي يريد الغرب تسويقها. فالمطلوب من المفكرين والمثقفين عموماً، كما أكد الرئيس الأسد، استيعاب تلك المصطلحات وإعادة تركيبها بما يتناسب مع فكرنا وانتمائنا ومع العروبة بمعناها الحضاري العام والشامل.
أما الذين لم يستوعبوا تلك المصطلحات ولم يستطيعوا تفكيكها فأمرهم خطير وسيقعون في مخاطر حرب المصطلحات ويتيهون في تفسيرها.
وعليه يبرز هنا الحوار الفكري الذي يفصل الفكر عن السياسة وعن المجتمع، ويفتح آفاق الفكر والشخصية الجامعة التي تعمل عليها الأمة ونقلها من أجل بناء الإنسان وتعزيز الانتماء الوطني للأرض.
وهذا يتطلب كما أكد الرئيس الأسد ضرورة دعم المثقف ورفع مستوى المجتمع فكرياً وضرورة التواصل والانسجام ما بين المثقف والمواطن، وألا يكون كل من المفكر والمثقف في واد والمواطن في واد آخر.
فكلاهما سند للآخر في مجال المحافظة على الهوية والانتماء لأن فقدان هذا العنصر يعني ضياع الأمة وفقدان هويتها.