كتب المحرر السياسي ناصر منذر:
77 عاماً مرت على ذكرى تأسيس الجيش العربي السوري، ولم يزل يسطر مآثر العنفوان والفخار في الذود عن حياض الوطن الذي لم ينفك يُنجب الأبطال لمواجهة كل من تسوِّل له نفسه المساس بأمنه، حيث يستند في تنفيذ واجبه الوطني والقومي على عقيدته الراسخة، وإيمانه الكبير بضرورة الحفاظ على كل حبة من تراب الوطن، ويتسلح بصلابة رجالهِ الأشداء لأنهم أبناء هذه الأرض، بتاريخها وعراقتها وحضارتها، وتربوا على حب الوطن، والتضحية في سبيل عزته وكرامته.
اليوم.. الأول من آب، وفي كل يوم، يستذكر السوريون أمجاد العز والبطولة التي سطرها أبطال الجيش العربي السوري على امتداد ساحات الوطن، متحدين الصعاب والمؤامرات والمخططات الرامية إلى ضرب الوحدة الوطنية التي تتوطد دعائمها الآن بفضل تضحياتهم، حيث لم يدَّخر جهداً في محاربة الأعداء والغزاة، كما يفعل اليوم في حربه المفتوحة ضد التنظيمات الإرهابية حتى تحرير كل شبر أرض احتله الإرهاب أو أي قوة أجنبية غازية ومحتلة.
77 عاما على تأسيس جيشنا الباسل، كانت كافية لترسيخه كجيش قوي يُحسب له ألف حساب، إذ يذهل العالم اليوم، بقدرته على المناورة العالية والتكيف السريع وخوض المعركة ضد الإرهاب وداعميه بكل حرفية وإتقان، وهو يمتلك جميع مقومات تحقيق الانتصار الناجز على الإرهاب، وإسقاط أوهام من يقف وراءه، وهو اليوم بانتصاراته وإنجازاته المتلاحقة يقوض مخططات قوى الغرب الاستعماري الرامية إلى تفكيك المنطقة وإخضاعها لمصالحها وهيمنتها، ليثبت مجدداً بأنه الرقم الصعب في المعادلات العربية والإقليمية والدولية، ولاسيما أن المعركة التي يخوضها ضد الإرهابيين تهابها أكبر الجيوش في العالم، ولذلك نجد منظومة العدوان بقيادة الولايات المتحدة قد وضعت العديد من الخطط لمحاولة إضعافه وشل قدراته، فجندت مرتزقتها، ووظفت كل خبراتها القتالية والاستخباراتية وأساليبها في الحرب النفسية، ولكن مشاريعها العدوانية كلها تهاوت أمام عزيمة وعقيدة هذا الجيش، وتمسكه الراسخ في الحفاظ على كل شبر من تراب الوطن مهما كلفه ذلك من تضحيات.
الجيش العربي السوري يجسد في معركته التي يخوضها اليوم ضد الإرهاب وداعميه، المبادئ والقيم التي حملها منذ تأسيسه في العام 1945 بالدفاع عن أرض الوطن، وصون كرامته في مواجهة المشاريع التي تسعى للنيل من الدولة السورية وقرارها الوطني المستقل، كذلك أخذ جيشنا الباسل على عاتقه مهمة الدفاع عن عزة وكرامة الأمة جمعاء، فخاض ولم يزل معارك العزة والشرف ضد الغزاة الطامعين، مستمداً قوته من ثقة الشعب به، والتفافه حوله، فحقق الانتصارات تلو الأخرى، وكان له الدور الأكبر في تكريس النهج القومي الذي تتمسك به سورية، وتجلى ذلك في حرب تشرين التحريرية التي جاءت تأكيداً لإرادة الإنسان العربي وقدرته على تحقيق النصر، وقدم أيضا قوافل الشهداء على أرض لبنان في سبيل الحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه، وشارك قبل ذلك في صد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وهو مستمر اليوم في معركته الوطنية والقومية من خلال تصديه للحرب الإرهابية، وبات شوكة في خاصرة الأعداء، الذين يستخدمون كل الأساليب القذرة للنيل من وحدته وتماسكه.
في عيد الجيش يقف الشعب السوري إجلالاً لمن كانوا الأنبل في النبل، والأكرم في العطاء، لأولئك الأبطال الميامين الذين ترجلوا مضحين بأرواحهم لتبقى رايات سورية عالية خفاقة، فأبطال جيشنا الأبي الذين نشؤوا على ثقافة المقاومة، وتعلموا أبجدية الشموخ والإباء، وتقاليد العزة والكبرياء جديرون بأن يرثوا الثقافة الوطنية من آبائهم وأجدادهم الذين قاوموا الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي، فصنعوا الاستقلال ولم يستجدوه، وفرضوا الكرامة الخالصة ولم يقبلوها منقوصة بعهود الذل والتبعية، فكل التحية لجيشنا الباسل الذي يصون سيادة سورية واستقلالها، ويقدم في سبيل ذلك قوافل الشهداء وكبرى التضحيات، غير عابئ بحجم التحديات وشراسة العدوان.