جاءت زيارة بايدن إلى المنطقة لتتزامن مع مئوية اغتصاب فلسطين، رسالة لعله أراد منها التأكيد على وصمة العار التي حملتها عصبة الأمم حتى موتها، لتتبنى إرثها منظمة الأمم المتحدة. إرثاً مشيناً مازال حتى اللحظة الشعب الفلسطيني يعاني منه في مقاومة الغاصب داخل الأرض المحتلة وخارجها، مع شرفاء العالم. والدول العربية التي مع الأسف تحول بعضها إلى كسب صداقة المحتل الصهيوني، رغم أنه لم يعاني من صلافته في سلب أي حق من حقوقه. إلا أنه محكوم بالتقرب منه، لارتباطه في مدار الفلك الأميركي، الأب الشرعي للصهيونية العالمية،(وقد يكون العكس هو الصحيح)، في معظم مايثبت ذلك من معطيات.
لعل الطعنة الكبرى في مرحلة الاستيطان وتقويته، كانت (الخنجر السموم) معاهدة أوسلو التي منحت كسب الوقت للعدو الصهيوني، ليزيد من تمكنه من الأرض، واغتصاب حقوق الشعب.
أوسلو التي منحت جائزة نوبل للموقعين عليها، ابتعدت عن ذكر الاستيطان فلم تأتِ عليه في أي من بنودها، ما منح الحق للمحتل الصهيوني بعدم إنهاء الاحتلال، بل التمادي فيه، وذريعته ما روج له عبر أوسلو (موضوع الدولتين) الكذبة الكبرى التي تقاذفتها وسائل الإعلام في حينه، على أنه الحل الأمثل. شعارٌ زائفٌ تلاشت سحابته بعد أوسلو حيث لا نية لمنح حياة لإقامة دولة فلسطينية.
أكذوبة اخترعتها الصهيونية لتكون شعاراً يردده الفلسطينيون، ومن يطبلون لديمقراطية الغازي الصهيوني، بينما هو حلم هوائي ليس أكثر. حيث لم يتبنَ أي من الأطراف الموقعة على أوسلو هذا الشعار بجدية، بل كان الجرعة الكبرى المخدرة لبعض الفلسطينيين، الذين تاهت أفكارهم بين بنود أوسلو.
أي دولة يمكن أن تقوم والأساس فيها أنها منزوعة السلاح، أي لا حقّ لها في الدفاع عن النفس، وحياة مواطنيها معرضة للخطر من عدو اغتصب أكثر من نصف الأرض، ليشكل معها حدوداً واهيةً.
بينما الكيان الصهيوني(اسرائيل) يحق له تملك السلاح في كل مستوياته، وصولاً للنووي، الذي يمتلك منه كيانهم اليوم الكثير. بينما يُسلب وفق أوسلو هذا الحق مما روج له على أنه دولة فلسطينية.
أين العدالة في اتفاقية أوسلو التي كل بند فيها كان يحتاج لاتفاقية، والتي ميزت الشعب اليهودي على أنه “شعب الله المختار” تلك الكذبة الكبرى.
الجنين الذي لم ولن يولد (حل الدولتين) وفق أوسلو، الذي أعطى فيزا دائمة لاحتلال الصهاينة لأرض فلسطين، ما جعل قيادة الكيان الصهيوني تدَّعي أنه بعد عرفات لم يعد من شريك حقيقي فلسطيني يساعدها على إنجاز الدولتين. الخدعة التي بدأت تتكشف على ألسنة بعض الأطراف التي حضرت أوسلو لصالح الكيان الصهيوني.
مسألة غير معقدة هي كالأبيض والأسود، أما من يدّعي أنها عقدة لا حل لها، لا يريد رؤية الحقيقة التي أكد نفيها تاريخياً بنغوريون مؤسس الكيان المحتل 1948. مسألةَ أن يكون للفلسطينين دولة على أرضهم الطبيعية. الذي بدأ خطواته الأولى في منهجية الاحتلال بطرد الفلسطينين من أعمالهم، وإحلال يهود الفلاشة بدلاً عنهم، ممن يتميزون بصهيونيتهم ووحشيتهم في التعامل مع العرب أصحاب الأرض.
لم يكن من هولوكوست على الأرض الفلسطينية، وليس من خشية أمنية على اليهود الفلسطينين الأصليين، حيث لا مبرر للغزو الصهيوني الذي توارد إلى أرض فلسطين، ليحتل الوظائف من العاملين عليها، ثم منازلهم فأرضهم، فإقامة كيان الاحتلال، لإعلانها دولة.
كيان بني على الإرهاب المنظم، ما أدى مستقبلاً لتشكيل المجاميع الإرهابية، في نمطية حربية جديدة، تفلّت كلابها على أقطار الأمة العربية عامة، بذريعة الربيع العربي، وعلى سورية بشكل خاص، لأنها الشوكة التي تقف في عين الصهيونية. لتستنزف مقدراتها بالنهب والحرق وزرع القتل بين الشوارع والأزقة. ما أدى لتكبد سورية آلاف الشهداء، وتحطم معظم بناها التحتية. لكن قوة الجيش العربي السوري أصابت مقتلاً من الإرهابيين، وردّت معظمهم إلى بلادهم حيث كان الموت مصيراً محتوماً لهم على الأرض السورية. كما شتت شذاذ هذه المجاميع ليرتد الكثير منهم لبلاد مشغليهم، الذين عملوا على نقلهم إلى مواطِنَ مشتعلة أخرى.
اليوم يعمل الجيش العربي السوري، على تطهير نهايات الجيوب، من بقايا فلول الإرهاب، وصولاً إلى المعادلة الصفرية في الحرب على سورية، ليكون الربح لها قبل أيّ من الأطراف التي ساهمت معها في دحر الإرهاب وتطهير أرضها. وخسارة كل من راهن على سقوط الدولة السورية.
مبارك للجيش العربي السوري بعيده السابع والسبعين. الذي أثبت على مدى السنين الطوال أنه حامٍ للديار، والشعب حاضن هذا الجيش وظهيره. والذي يحق لنا أن نرفع له ألف تحية وسلام، فقد سطر معارك صارت أنموذجاً يدرس ويحتذى به، بين جيوش العالم. الرحمة لشهدائنا والشفاء لجرحانا من حملوا أوسمة على أجسادهم لا تبلى مع الزمن.. والنصر دوماً للجيش الأغر وقائده الوفي.