الثورة – ترجمة رشا شفيق غانم:
رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة القياسي مؤخراً بمقدار 75 نقطة أساس، وهو الارتفاع الثاني بمقدار 75 نقطة أساس منذ تموز، والزيادة الرابعة لسعر الفائدة هذا العام. إجمالاً، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس هذا العام، ما رفع معدل الأموال الفيدرالية من 0- 0.25 في المئة إلى 2.5- 2.25 في المئة.
من حيث الحجم والسرعة، تعتبر الزيادات الأخيرة في الأسعار في الولايات المتحدة هي الأكثر عدوانية منذ الثمانينيات وسيكون لها تأثير كبير على اقتصادات الولايات المتحدة والعالم.
السبب المباشر لارتفاع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هو بالطبع التضخم المرتفع في الولايات المتحدة. ووفقاً لمكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل، ارتفع التضخم في البلاد منذ تشرين الأول 2021، مسجلاً رقماً قياسياً بلغ 9.1٪ في تموز 2022 ، وهو أعلى مستوى منذ تشرين الثاني 1981. لم يكن أعلى فقط بـ 8.6٪ في أيار، ولكن أيضاً أعلى من توقعات السوق البالغة 8.8 في المئة.
وعلى الرغم من بقاء معدل البطالة منخفضاً، عند 3.6 في المئة، فقد زاد التضخم المرتفع من بؤس المستهلكين الأمريكيين العاديين.
مع ذلك، صرّح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحفي بأنّه يريد رفع أسعار الفائدة من 3 إلى 3.5 في المئة بحلول نهاية العام، مؤكداً أنه لن يتردد في اتخاذ خطوات أكثر جرأة إذا لزم الأمر.
هذا وأعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي أنّه سيسرع “تخفيض الميزانية العمومية”، الذي بدأ في أيلول- كما هو مخطط له – ورفع الحد الأقصى للتخفيض الشهري في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من 17.5 مليار دولار إلى 35 مليار دولار، في حين أن الحد الأقصى للتخفيض الشهري في سندات الخزانة سيكون من 30 مليار دولار إلى 60 مليار دولار.
سيؤدي توافق رفع أسعار الفائدة وخفض الميزانية العمومية إلى انخفاض هائل في السيولة الدولارية العالمية، ما سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي.
قد يرحب الأمريكيون العاديون بترويض التضخم، خاصة إذا ظل الطلب على الوظائف قوياً، لأن ذلك سيخفف الضغط النقدي عليهم إلى حد معين. لكن رفع أسعار الفائدة وتخفيض الميزانية العمومية سيثيران شبح حدوث أزمة اقتصادية في الولايات المتحدة. حيث كان السبب المباشر لأزمة الرهن العقاري العالية المخاطر في الولايات المتحدة عام 2007 هو الفقاعة الضخمة التي أوجدتها فترة طويلة من انخفاض أسعار الفائدة والتي اخترقها الارتفاع المفاجئ في أسعار الفائدة.
خلال إدارة دونالد ترامب، سعى بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى التيسير الكمي. وبعد اندلاع جائحة كوفيد-19 في أوائل عام 2020، أصدرت الإدارة الأمريكية “صندوق إنقاذ” ضخماً، حيث بلغت قيمة الدولارات التي تم ضخها في السوق في ذلك العام 20 بالمئة من إجمالي الدولارات المتداولة في ذلك الوقت.
ونتيجة لذلك، سجلت سوق الأسهم الأمريكية ارتفاعات جديدة. ومع ذلك، عندما تنحسر فقاعة الدولار بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتخفيض الميزانية العمومية، هناك فرصة جيدة لإعادة تسعير العديد من الأصول، سواء الحقيقية منها والمالية، التي تم دفعها لأعلى. وأيضاً، وسيتضح ما إذا كان هناك إمكانية للاقتصاد الأمريكي كي ينعم بتباطؤ اقتصادي معتدل، هو أمر يستحق الاهتمام الجاد.
بالنظر إلى أن الدولار الأمريكي هو أهم عملة تسوية عالمية، فإن معظم التجارة الدولية ستكون مستحيلة بدونه. ولكن في مواجهة الارتفاعات الشديدة لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، فإن معظم البلدان غير الدولارية ستكون في مأزق، لأنها إذا لم تتبع الولايات المتحدة في رفع أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن تنخفض قيمة عملاتها وقد تشهد فجوة مقلوبة في أسعار الفائدة مقابل الدولار، ما قد يزيد من مخاطر تدفق رأس المال من اقتصاداتها ويعرض هيكل المدفوعات الدولية للخطر.
في الواقع، تسببت الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة الفيدرالية في حدوث اضطرابات اجتماعية واقتصادية في بعض البلدان والمناطق، وبالنسبة للعديد من البلدان، فإن الطريقة الوحيدة للخروج من الوضع الحالي الناتج عن ارتفاع معدلات الدولار هي تطوير اقتصادها بشكل أفضل وتقوية عملتها.
المصدر: تشاينا ديلي