الثورة:
الأمم والحضارات لاتبنى ولا ترتقي إلا بالقدرات الخلاقة الواعدة، والمتعلمة القادرة على الإنجاز والعطاء دون كلل أو ملل، وهذه القوة الفاعلة هي فئة الشباب، والأمل معقود عليهم بالعمل الجاد بكل ألوان العمل الفكري والمادي الذي يتطلبه المجتمع الذي يتطلع لمواكبة الدول التي يتسارع فيها الاختراع حتى يصل إلى مرحلة الانبهار والإنجاز.
وكم نلتقي في المجتمع مع شباب يقولون نحن ننتظر بفارغ الصبر لننضم إلى ميادين العمل والإنتاج لنضيف لبنة جديدة في مداميك البناء الذي يرفع بلدنا سورية إلى مصاف الدول التي تطورت تكنولوجياً وعلمياً وفكرياً لأن الحياة لا تعترف إلا بالمجدين والعاملين الغيارى على وطنهم.
وكلنا يتابع أبناء البلد الذين ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء امتحانات الثانوية بكافة فروعها ليتحقق طموحهم في اختيار الفرع الجامعي الذي وضعوه نصب أعينهم ليكونوا فيه دراسة جدية ليرفدوا المجتمع المترقب لتخرجهم كل في اختصاصه.
وهنا يجب أن نترك لأبنائنا حرية اختيار الفرع الذي يرغبون الدخول إليه، ولانجبرهم على فرع نحبه نحن، فنقول نريد الطب أو الهندسة ولاشيء سواهما، ولاسيما أننا ندرك أن مجتمعاتنا لا تترك خيار اختيار التخصص الجامعي للطالب المتخرج من الثانوية وحده، فثمة تدخلات من الأهل والأصدقاء، وهو ما يجعل من هذا الاختيار مجال شد وجذب وحتى خلافات، وربما فشل في القريب العاجل.
ورغم أن مجتمعنا يميل إلى فكرة أن سن الطالب الصغير يجعله غير قادر وحده على اتخاذ قرار مصيري سيرسم مستقبله لاحقاً، ويطالب معظمنا أن يساهم في خيار الطالب، إلا أن الدراسات أثبتت أن الطالب يمكنه أن ينجح في اختيار رغبته، وخصوصاً حين يكون هذا الخيار مبنياً على معايير علمية صحيحة.
وعلينا أن ندرك أنه ليس هناك من هو أكثر حرصاً وأشد خوفاً على الأبناء من الوالدين، وهما يَوَدّان أن يريا أبناءهما وبناتهما في أحسن حال في مجتمعهم، ولكن هذه الحقيقة تتطلب منا أن نترك لأبنائنا فرصة الاختيار لتخصص معين هو بالأساس أمنية بالنسبة لهم، كما أن التدخل في تخصص الأبناء من الأخطاء التربوية التي لا تليق بالتربية الصحيحة المتّزنة التي تحرص على إنتاج جيل يبني بلده، وهو أمر يجب أن نتجنبه كي نساهم في تربية جيل يعيد بناء سورية وإعمارها من جديد.
وختاماً علينا أن نساعد أبناءنا في تلبية رغباتهم التعليمية وتشجيعهم، فهؤلاء هم شباب سورية الذين تربوا في مدارسها ليواصلوا التعلم في معاهدها وجامعاتها وليؤكدوا أنهم على العهد، وفاء ومحبة ونجاحاً لأسرهم ولمجتمعهم الذي ينتظرهم بفارغ الصبر، لنؤكد في نهاية المطاف أن الشباب قوة وإرادة تفعل المستحيل.
جمال الشيخ بكري