للوهلة الأولى سيكون الأمر غريباً ومستهجناً للكثيرين ممن هم على تواصل واحتكاك يومي بالمواصلات والنقل والتنقل لشرائح مختلفة، من طلاب وموظفين أو أفراد آخرين، حيث مشهد الازدحام الكبير وصعوبة الوصول للأماكن المقصودة والعودة بات معاناة مستمرة يومية، وحتى آنية، مع انعدام أية حلول لمعاناة تتفاهم يوماً بعد آخر في مختلف المحافظات والمناطق.
ومع خروج العديد من وسائل النقل العامة عن الخدمة ولاسيما السرافيس للعديد من خطوط النقل، أو اقتصار عملها لفترات قليلة بحجج ومبررات كثيرة منها قلة المخصصات من المازوت، وارتفاع تكاليف الإصلاح للآليات وغيرها كثير، ذلك كله زاد من فوضى النقل وتكبد المواطن مشقة كبيرة في الخروج والعودة لقضاء مصالحه وإنجاز أعماله.
بالمقابل هناك مشهد آخر فرض وجوده وبقوة وحضور واضح لا مفر منه، ليعكس معاناة أكبر كبديل يتم اللجوء إليه مع آخر أنفاس الصبر والتحمل والاختناق من الانتظار الطويل والمرهق لوسيلة النقل العامة، حتى مع العلم مسبقاً بعدم التقيد بتعرفة أجور النقل المحددة، في ضوء استغلال حاجة المواطن الماسة للعودة لمكان سكنه.
ففي مختلف محطات الانتظار وكراجات الانطلاق للعديد من خطوط النقل، ولاسيما في المدن، هناك العديد من السيارات الخاصة بمسمياتها وأنواعها المختلفة، ومنها المكشوفة، والدراجات النارية والتكسي وغير ذلك، باتت منتشرة بكثرة تعرض خدماتها لنقل المواطن الذي أنهكه الانتظار للسرفيس أو باصات النقل الداخلي، أو أي وسيلة تكون أجورها مقبولة نوعاً ما.
واللافت في الأمر هو استغلال العديد من تلك الوسائل لحاجة المواطن، وفرض أجور مرتفعة تصل لآلاف الليرات لنقله، حتى مع عدم تناسب تلك الأجور مع هذه الوسيلة، وعدم قدرة المواطن المادية لدفع هذه الأجور، ومع عدم وجود أية رقابة أو جهات تنظم هذه الفوضى والعشوائية ولو بأبسط حالات تنظيمها المطلوبة.
الأمر الذي زاد من مشكلة النقل وتفاقمها أكثر، ولاسيما مع ارتفاع أسعار البنزين مؤخراً، وعدم وجود أية حلول أو حتى بادرة أمل مرتقبة للحد من المشكلة، أو التخفيف من صعوبتها، لتخلق صعوبات أكبر ومعاناة مزمنة، بدت معها كل البدائل مستحيلة، فأين الجهات المعنية من هذا المشهد اليومي الذي بات عنواناً عريضاً في اختصار الحديث والكلام.