قامت هيئة الإشراف على التأمين مؤخراً برفع الحد المالي للتغطية التأمينية خارج المشفى من مئتي ألف إلى مئتين وخمسين ألف ليرة، لمن لديه أدوية مزمنة، وخفّض الاقتطاع من أجور التحاليل المخبرية من 25% إلى 15%، بما ينعكس زيادة لمصلحة المخابر بنسبة 10%.
على الرغم من أنّ رفع الحدّ المالي للتغطية التأمينية هو أمر جيّد في هذه الظروف، إلا أن الزيادة المعلن عنها لا تغطي حاجة المرضى الفعلية من الأدوية.
فهناك مرضى موظفون يعانون من عدة أمراض مزمنة سوية كمن يعاني من مرض القلب والضغط والسكري، وهو بذلك يحتاج أدوية تتجاوز قيمتها الخمسين ألف ليرة شهرياً.
إضافةإلى أن هناك من لم تشملهم الزيادة لأنهم من الموظفين الذين ليس لديهم أمراض مزمنة، فهؤلاء أيضاً يمرضون ويضطرون لتسديد فروقات أسعار الأدوية التي ترتفع باستمرار.
أغلب التعديلات التي تقدم عليها هيئة الإشراف على التأمين لا تلاقي أي استحسان من قبل المؤمن عليهم وتأتي ردود الأفعال عليها سلبية، وأن الاستفادة من خدمات التأمين الصحي باتت شبه معدومة، بسبب الارتفاع المتواتر في أسعار الأدوية والخدمات الطبية الأخرى، والذي يحول دون قدرة بطاقات التأمين على تلبية حاجة الموظفين.
لقد أصبح الكثير من هؤلاء المرضى يواجهون صعوبات عديدة من أجل الحصول على حقهم في الطبابة والعلاج والاستشفاء والأدوية بموجب ما يفترض أنه تأمين صحي لمصلحتهم، سواء بعيادات الأطباء أم الصيدليات أم المخابر والمشافي المتعاقد معها، وكل مرة بذريعة وسبب. ويشتكي الكثير منهم بأن وصفاتهم الطبية غالباً ما تأتي بالرفض من قبل شركات التأمين بحجة أن الشركة لا تغطي هذا الدواء أو ذاك، أو بذريعة عدم اختصاص الطبيب.
وأصبح من النادر أن تغطي شركات التأمين الوصفات الدوائية والتحاليل الطبية والتصوير الشعاعي إلا حسب ما يناسبهم لا بناء على حالة المريض وحاجته إلى الدواء.
وعلى سبيل المثال لا توجد شركة تأمين صحي واحدة تغطي أدوية المتممات الغذائية والفيتامينات والمعادن التي يصفها الأطباء لبعض المرضى، من دون وجود أي مبرر لهذا الرفض.
وكانت هيئة الإشراف على التأمين قد أصدرت تعليمات محددة بأن يتم تحويل أجور الطبيب الجراح إليه مباشرة من شركة التأمين بما يضمن وصول أجوره كاملة بالسرعة التي تحفظ له جهده، من دون غيره من الأطباء ومقدمي الخدمات الطبية الأخرى!، وهذا الأمر سوف يؤدي إلى تراجع عدد كبير من الأطباء عن التعاقد مع التأمين. ويجعل الموظف يركض بحثاً عن صيدلية هنا أو هناك متعاقدة مع التأمين ليستطيع تلبية حاجته من الدواء.
باختصار معظم مؤسسات التأمين لا تتقيد بالعقود الموقعة مع زبائنها، لذلك هؤلاء غير راضين بمجملهم عن أدائها لأنهم يشعرون بالغبن ليس على مستوى الاقتطاعات الشهرية من أجورهم فحسب، بل على مستوى ما يتلقونه من خدمات طبية.