الثورة- أديب مخزوم:
معرض “طفولة ولون 2″ أقيم في صالة الرواق بالعفيف ( قاعة لؤي كيالي ) برعاية اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، وبتنظيم وإشراف الفنانة التشكيلية ربا مروان قرقوط، وهو يأتي في سياق المعارض الطفولية، التي تتزايد يوماً بعد آخر، وتأتي بعد أن تخضع الأسماء الطفولية الراغبة في الإنتاج والعرض ( لدورات في الرسم والتلوين ) بتشجيع من بعض الأسر المتفهمة لدور الفن في الرقي والتحضر، وهذه ظاهرة حضارية نأمل أن تستمر وتتواصل، ولقد ثبت على مر العصور، أن الذي يبقى من حضارة أي أمة هو فكرها وفنونها. تقول المشرفة على دورات تأهيل الأطفال للرسم والعرض ربا : ” بأن هذه الرسوم الموجودة تعكس حقيقة مشاعر الطفل نحو البيئة المحيطة ، ويعبر من خلالها عن أحلامه وتطلعاته للمستقبل، وبنفس الوقت تفريغ للطاقة وكشف الجوانب الإبداعية من شخصيته، والتعرف على نقاط القوة والضعف الموجودة عند الطفل، ومن خلال التعامل مع الألوان يتخلص الطفل من العدوانية والخوف غير المبرر ، وبالرسم والتلوين يتطور الإحساس بالجمال والذوق الفني ” .
ولقد تضمن المعرض أكثر من سبعين لوحة جاءت بمشاركة عشرين طفلا وطفلة، وكل أسم شارك بأكثر من لوحة، ومن ضمنهم: سالي كيوان 5 سنوات، سلوان كيوان 7 سنوات، أمير اللبان ٧ سنوات ، زين نخلة ٧ سنوات ، لانا القاضي ٨ سنوات ، إميليا ابو فراج ٧ سنوات ، ورد كاتبة ٨ سنوات ، سيف قرقوط 4 سنوات ، وسام قرقوط 7 سنوات . أمجد حبيب ١٢ سنة ، ميرا مرعي 9 سنوات، عمر زين الدين ١١ سنة , كرم دياب ٤ سنوات ، تيم العيسمي 12 سنة ، حلا نخلة ١٢ سنة ، ناتالي الحجلي ١١ سنة , شهد أسعد ١٢ سنة , تالا العيسمي ١١ سنة ، نايا محمود ٩ سنوات ، كارول كاتبة ٦ سنوات ، حمزة كاتبة ٨ سنوات .
والمعرض متنوع في مواضيعه وتقنياته وأساليبه، ويطرح في سياق التجارب الطفولية، مواصفات تعبيرية صادقة وعفوية تقترب من الأساليب الفنية الحديثة، فالطفل يرسم بصدق مطلق، بعيد كل البعد عن مظاهر التصنع والتكلف، لأنه غير مقيد بأي رقابة أو قواعد جامدة، ولقد وجدت في هذا المعرض لوحات من كل المدارس الفنية الحديثة، من التجريدية الى التكعيبية مرورا بالواقعية الحديثة والتعبيرية والخيالية والرمزية وغيرها .. وهدا يعني أن الطفل يتذوق هذه المدارس الفنية الحديثة، ويجسدها في لوحاته ( عن غير قصد ) وقبل أن يسمع بها، أو يعرف معناها، وهذا يعيدنا إلى عبارة كتبها جبران خليل جبران لأعز صديقاته ماري هاسكل، التي كان لها الفضل الأول في تعزيز حياته الفنية والأدبية . حيث كتب لها مرة يقول: بأنه رسم لوحة تكعيبية حين كان في الخامسة من عمره، كان فيها أبو التكعيبية، أي أنه سبق بابلو بيكاسو وجورج براك في ابتداع الإتجاه التكعيبي.
واللافت أن معظم المشاركين والمشاركات من الأطفال، يعملون عن غير قصد أيضاً، لإضفاء المزيد من العفوية، والتحوير والتلخيص والتبسيط في سياق رسم الطبيعة الحية والصامتة والعناصر الإنسانية والحيوانية والزهور وغيرها ( ورغم وجود بعض الرسومات الواقعية ) تبقى معظم الأعمال مفتوحة على جماليات اللوحة الفنية التشكيلية الحديثة والمعاصرة، لأن الأطفال يحتاجون لسنوات من التدريب حتى يتقنون الرسم الواقعي والكلاسيكي . والمعروف أن فنون الأطفال تركت تأثيرات واضحة على العديد من كبار فناني القرن العشرين وفي مقدمتهم بيكاسو .
والهدف الرئيسي من هذا المعرض، يكمن في اكتشاف الطاقات الطفولية ودفعها خطوات إلى الأمام، إذ من الضروري أن تكرس الصالات معارض لتظاهرات فنون الصغار، وإجراء مسابقات ومنح جوائز تشجيعية، لمن يؤكد مظاهر التفوق, في امتلاك تقنية الخط واللون ، على أساس أن الجيل الجديد هو الذي سيحدد مستقبل فنوننا التشكيلية , وهذا يعني أيضاً ظهور المزيد من الإحساس بأهمية الحوار والعمل الفني في إطار الجماعة، وما يتركه من نتائج إيجابية على سلوك الطفل، ويجعله أكثر انفتاحا وحيوية ونشاطاً، وبعداً عن التعقيد والإنزواء والتقوقع . كما تنفتح بعض الأعمال، على عطاء الطبيعة المحلية، في حالات التألق والخضرة الربيعية، وذلك بإضفاء اللمسات اللونية العفوية على المشهد المطروح أمام عين المشاهد، رغم تفاوت المستويات الفنية والتقنية ، وبروز أعمال متقدمة تبشر بولادات فنية جديدة، والتفاوت أمر طبيعي في كل معرض جماعي .