نشر المايسترو الراحل حسام الدين بريمو الألحان التراثية والترانيم، في رياض الفردوس الموسيقي بأصوات جوقات الفرح (أسس ودرب وقاد خمس جوقات)، أشهرها جوقة لونا وقوس قزح، وذلك في زمن القحط الإبداعي والانحطاط الموسيقي والغنائي واليباس الثقافي والخواء المعرفي والفكري.
نحن هنا في وداع فنان شامل (ممثل مسرحي ومغن كلاسيكي، ومؤسس وقائد جوقات، وموزع أدوار غنائية، وعازف وأستاذ أكاديمي وغير ذلك) ولقد ظهر عشقة المتجدد لرسالته الحضارية، وشغفه ومثابرته واندفاعه رغم كل الظروف والصعاب والعقبات والمنغصات.
ولقد أعاد الاعتبار إلى آلة (الأوبوا) حين اعتمد عازفاً عليها في الفرقة السيمفونية الوطنية، تلك الآلة التي عرفت شهرة واسعة، لأن العندليب عبد الحليم حافظ بدأ حياته الفنية عازفاً عليها، وقبل أن يحترف الغناء، ويصبح نجماً ساطعاً، وكان في حواراته يتحدث عنها.
ورغم تأسيس بريمو لأسطول من الجوقات والفرق الغنائية الجماعية، لم يتعال عن المشاركة بالغناء جماعياً وإفراديا في جوقات وفرق أخرى، هو الذي كان يمتلك صوتاً أوبرالياً من درجة (تينور صولو) وهذا يعيدنا إلى تواضع كبار نجوم غناء العصرالذهبي، حين كان يذهب مطرب كبير مع زميله الى الاستديو ويردد مع كورال الإذاعة أثناء تسجيله أغنية جديدة، كما لم يمنعه أسطوله الذي أسسه للغناء الجماعي (بأعمار من الرابعة إلى ما فوق الخمسين)، من مواصلة التدريس والتدريب، وخاصة في المعهد العالي للموسيقا، وفي كلية مار أفرام السرياني.
هكذا كان من أوائل الذين أسسوا جوقات غنائية جماعية، شكل نجاحها واستمراريتها دافعاً للآخرين للسير على خطاه، فأصبح لدينا كم كبير من فرق الغناء الجماعي في دمشق وبقية المدن السورية، قد يفوق عدد أفرادها عدد الداخلين في مجال إنتاج وعرض اللوحة التشكيلية، لكنها تبقى ظاهرة حضارية، لأن اتجاه الأطفال والشبان والشابات نحو الفن بمجالاته كافة، أفضل ألف مرة من اتجاههم نحو أمور وقتية وزائلة أو ضارة بهم وبمجتمعهم، والفرق الموسيقية والغنائية التي نتحدث عنها هي التي أكدت استمرارية نشاطها وحفلاتها وحضورها( بخلاف الفرق التي تظهر وتختفي بسرعة، وهي ليست قليلة أيضاً).