الثورة – تحليل لميس عودة:
في الوقت الذي باتت فيه أوروبا تئن تحت وقع العقوبات الارتدادية التي فرضتها أميركا ودول غربية على موسكو في محاولة لحصارها والنيل من إمكانيات ثباتها في وجه مشاريع الهيمنة الأميركية والأطلسية، مازالت العديد من دول الغرب الاستعماري تصر على السباحة عكس تيار احتياجات اقتصادها المترنح نتيجة شح الطاقة، وتكابر غطرسة بالسير حافية، بلا بدائل متوفرة وبلا إمكانات متاحة، على زجاج تداعيات الحرب الأوكرانية وفي حقول نقص موارد الطاقة الشائكة.
أزمة عوز الموارد تتفاقم والشتاء على الأبواب، وحكام وسياسيو أوروبا المنخرطون في لعبة الشرور الأميركية يتعامون عن إدراك تبعات اللعب بنار تهديد أمن روسيا، ويتغافلون عن مآلات انغماسهم في صب البارود على نار الحرب، فلا هم لهم سوى محاولة التضييق على روسيا لإخضاعها عبر حصارها، متناسين أن صمام أمان الاقتصاد الروسي بأيدي موسكو مهما كثرت حملات التأليب العدائية وزادت حدة العقوبات الجائرة.
فارتجال الحلول من دون دراسة جدواها الاقتصادية ومن دون الوقوف على الأسباب الحقيقية لتنامي الأزمات المتمثلة بالجنوح للهيمنة من قبل واشنطن وذيولها الغربيين، والإمعان في سياسات رعناء من قبل ما تسمى مجموعة السبع التي سعت لتحديد سقف لسعر الغاز الروسي، هو ما قاد سابقاً لتفجير الأزمة، ويقود اليوم لزيادة حدتها مع إعلان موسكو توقف ضخ الغاز عبر خط” نورد ستريم 1″ لصعوبة إصلاح التوربينات نتيجة العقوبات المسيسة التي يفرضها تحالف أميركا العدواني.
فـ “غازبروم” الروسية صرحت سابقاُ أنها اكتشفت مشكلات تقنية خلال كشف فني تم مع ممثلين عن مجموعة سيمنز الألمانية التي صنعت التوربين، ونشرت صورة تُظهر أسلاكاً محاطة بسائل داكن اللون.
والكرملين بدوره أعلن في وقت سابق أن عمل خط الأنابيب مهدد بفعل انقطاع في قِطع التبديل نتيجة العقوبات الغربية وتأخر كبير ومتعمد في تسديد المستحقات.
تعي موسكو مآرب مجموعة السبع من وراء قرارات كهذه لإصابة الاقتصاد الروسي بسهام خسارة إيرادات قطاع النفط، لذلك رفضت تحديد سقف بيع موارد طاقتها، بقولها إن ذلك لا يحتكم إلى آليات السوق، وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين: “ببساطة لن نتعاون معهم بشأن مبادئ لاتحتكم إلى آليات السوق”.
و يأتي ذلك في الوقت الذي اتفق فيه وزراء مالية مجموعة السبع على وضع سقف لأسعار النفط الروسي، في خطوة تهدف إلى تقليص الإيرادات الروسية في انخراط واضح لدول مجموعة السبع بالحرب الأوكرانية وتأزيم الأوضاع، لكن روسيا أرسلت رسالتها الحازمة بأنها ستوقف المبيعات للدول التي تفرض هذا السقف، وزراء مجموعة السبع كانوا قد أكدوا نيتهم المشتركة لـ “تنفيذ حظر شامل للخدمات التي تمكن النقل البحري للنفط الخام والمنتجات البترولية روسية المنشأ على مستوى العالم”.
يبدو أن دول الغرب الاستعماري لا تريد تصويب خطواتها ونزع فتيل أزمة افتعلتها هي وأميركا عرابة الخراب العالمي، ولم تجرِ جردة حساب عملية ومنطقية لفداحة خساراتها المنتظرة، وتمعن في التجذر على ضفة الباطل الأميركي على حساب اقتصاداتها واحتياجات مواطنيها، لكن بعض الأخطاء قاتلة وترسم الخطوط البيانية لمنحدرات الخيبة والهزائم.
