الثورة – عبد الحميد غانم:
يتجه كيان العدو الإسرائيلي نحو انتخابات الكنيست في الأول من شهر تشرين الثاني القادم وهي الخامسة خلال ثلاث سنوات ونصف، في الوقت الذي لا يزال المشهد السياسي والوضع الداخلي للكيان يعاني أزمات تتشابك فيها الأزمات السياسية مع تخبط الأوضاع الداخلية.
منذ فشل الكيان الإسرائيلي في تحقيق الأهداف المعلنة من العدوان على لبنان عام 2006، وما رافقه من تداعيات على الخارطة السياسية والحزبية وصعود معسكر نتنياهو يتعمد تحديد أهداف متواضعة كي لا تتكشف معالم هزيمته وفشله في القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة.
فقد انهارت حكومة الائتلاف بين كلا التيارين البارزين في المشهد السياسي برئاسة “نفتالي بينت” بعد سنة على تشكلها، وأعلن عن إجراء انتخابات جديدة لصعوبة استمرار الحكومة نتيجة الخلافات الداخلية بين الأحزاب اليمينية المتطرفة.
كما أن العدوان الأخير على غزة فشل في تحقيق أي نتائج سياسية حتى باعتراف الجانب الإسرائيلي، فهو فشل في تحقيق الهدف الرئيس بالقضاء على المقاومة، الأمر الذي سيرافقه سجال في الحملة الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية، علماً بأن غالبية الاعتداءات الإسرائيلية ضد غزة لا تخفي بأنه كان لها أهداف انتخابية يمكن توظيفها في الحملات الانتخابية.
ووفقاً لمجلة “إيكونوميست” البريطانية فإن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة لم يكن مفاجئاً على الإطلاق، وجاء لاعتبارات سياسية، فرئيس حكومة الاحتلال الجديد يائير لبيد، الذي لم يمض على استلامه منصب رئاسة الوزراء سوى خمسة أسابيع فقط، واجه معركة صعبة لإعادة انتخابه في الانتخابات المقبلة التي ستجري في الأول من تشرين الثاني المقبل.
وينطوي العدوان على غزة – وفق المجلة البريطانية – على مخاطرة على الكيان وأزماته الداخلية، فلطالما كان لقطاع غزة طريقته في الإطاحة بالحكام الإسرائيليين في الوقت الذي لا يتوقع فيه الإسرائيليون ذلك. وتخلص المجلة إلى أن خطة لبيد جاءت لتعزيز حظوظه في الانتخابات من خلال العدوان.
تبدو نتيجة التنافس الانتخابي في “إسرائيل” حتى الآن، أنها تعادل سلبي بين معسكر نتنياهو وخصومه، ما يجعل من الصعوبة بمكان تشكيل حكومة مستقرة، وليس من المستبعد أن تكون هناك انتخابات سادسة.
بقي هذا الحال على ما هو عليه بعد المساعي المحمومة لخصوم نتنياهو للحصول على إمكانية تحقيق إنجاز عسكري خلال العدوان على غزّة، ولم تؤثّر فيه الاصطفافات الحزبية الجديدة التي كان من بينها انضمام رئيس الأركان السابق لجيش الاحتلال الجنرال جادي إيزنكوت، إلى حزب غانتس وساعر. كما لم تظهر الاستطلاعات تغييراً مهماً في أعقاب الانتخابات الداخلية في حزب الليكود وبقية الأحزاب.
لكن هذه الصورة قد تتبدّل في الوقت المتبقّي للانتخابات، التي ستجري في 25 تشرين الأول، تبعاً لمسار الحملات الانتخابية والقدرات التنظيمية للأحزاب، واحتمال أن تكون نسب تصويت متباينة عند فئات مصوتين مختلفة، وربّما تحصل تطوّرات سياسية وأمنية غير مرتقبة حالياً.
القضايا الداخلية لدى الشارع الإسرائيلي أكثر إلحاحاً من القضايا الخارجية الإقليمية والدولية، إذ كشف استطلاع للرأي العام داخل الكيان الإسرائيلي وفق (مركز شهاب الفلسطيني)، أن هناك الكثير من القضايا والملفات التي تقلق المستوطنين أكثر من “التهديد الخارجي” المزعوم؛ وذلك عشية انتخابات “الكنيست”.
ووفق استطلاع الرأي الذي أجرته القناة العبرية 12 ونشرت نتائجه أمس السبت 3 أيلول (قبل نحو شهرين على الانتخابات)، فقد قال 50% ممن تم استطلاع آرائهم إن أكثر ما يقلقهم هو ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
وبحسب الاستطلاع، فقد أعرب 17% ممن تم استطلاع آرائهم، عن قلقهم من الأوضاع الأمنية التي يمر بها الكيان “الإسرائيلي” والتي تحمل مؤشرات التصعيد واندلاع مواجهات في مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وجاء في نتائج الاستطلاع أن 17% من المستوطنين، قلقون من تداعيات الانقسام في “الشارع الإسرائيلي” كما أظهر الاستطلاع أن 6% قلقون من تدهور مستوى التعليم والحالة التي يمر بها جهاز التعليم حالياً وعدم القدرة على حل أزماته على مدار سنوات، أما فيما يتعلق بالخطر من إمكانية حصول إيران على قنبلة نووية فلم يتجاوز الـ5% وفقاً للاستطلاع.
لذلك سيبقى الكيان الإسرائيلي يعاني حالة عدم استقرار من الناحية السياسية، حيث جرت في العقود الثلاثة الماضية انتخابات كل 28 شهراً، وانخفض المعدّل في السنوات الثلاث الأخيرة إلى انتخابات جديدة كل تسعة أشهر، وهذا رقم قياسي عالمي، وفق أي مقارنة.
ويعود تكرار الانتخابات، في السنوات الأخيرة، إلى سبب وحيد هو الانقسام الداخلي في الكيان حول شرعية بنيامين نتنياهو المتهم بالفساد، حيث تكررت نتيجة التعادل أو ما يقاربها بين معسكره والمعسكر المعارض لحكمه.