قراءة في (البعد الخامس)

الملحق الثقافي- رياض طبرة :

القصة ليست فناً سهل المنال حتى لتخال عند قراءتها أنك قادر على أن تكتب ألف قصة مثلها, لكنك حين تحاول تجد أنها الفن الذي يحتاج إلى الموهبة والخبرة وتراكم معرفي تقف اللغة في موقعها من هذا التراكم حتى يقال : هذا هو السهل الممتنع واليوم بين يدي القارئ شاهد ودليل أقوم باستعراض بعض مفرداته.
وأقول بداية تكفي قصة النسغ من مجموعة البعد الخامس للزميل الأديب حسين الرفاعي لمعرفة ثقافة ونهج جيل من المنتمين إلى القضية المركزية والذين قدموا وصمدوا وضحوا وعملوا وما زالوا لأن تبقى هذه القضية البوصلة للحفاظ على صدق الانتماء وعظمة الهوية.
وحنظلة بطل القصة لم يعد حنظلة الذي كنا ننتظر ماذا سيحمل لنا من الفنان رسام الكاريكتور ناجي العلي قبل أن تسيل دماؤه على خريطة فلسطين وتجرح قلوب ملايين العرب.
وذلك تمهيداً لكسر جناح الأمة كلها، وفي القصة الثانية من المجموعة الصادرة ضمن منشورات اتحاد الكتاب العرب جناح يكاد ينكسر مزيج من المعاناة الفردية حيث تجرح المحسوبيات نفوس الشرفاء المستحقين حين يرونها أنها الأساس في الإيفاد والاطلاع على العالم تجاربه، ولم تتوان القصة عن فضح هذا التجني بأسلوب ساخر ونقد لاذع معتمداً على الالتباس بين سبين وسبينة.
أما قصة وادي الذهب فإنها تعطينا شاهداً على أن محلية أي أدب لا تحجبه عن الوصول إلى العالمية حين يكون أدباً يصور الواقع ويفضح ما به من ظلم، فالمحلية تكاد أن تكون الطريق إليها.
هذه القصة التي قرأتها وسمعتها أكثر من مرة واحدة من القصص المؤهلة للعالمية لما تصدت لفضحه وإدانته وبرعت في تصوير الظلم الاجتماعي الواقع على المرأة إلى اليوم تحت ضغط العادات وثقافة لا تمت إلى المدنية وحقوق البشر بالحياة بصلة .
كيف قتلت نعيمة قبل زفافها وبيد من كيف أنهم لم يتعظوا من فشلهم لأنها بريئة حتى تقدم الأم على تجريعها السم، يا لها من جريمة ويا له من عقاب لوادي الذهب بكل ما كان وكيف غدا.
ومن الظلم الواقع على المرأة إلى ظلم أشد إيلاما إذ يقع على شعب وأمة من أجل أمن إسرائيل, ظلم الغريب والقريب والعدو ومن كان شقيقاً, حيث فهد من غزة شاهد ومثال عن الشهادة والشهداء في غزة هاشم حيث الحصار والقتل والدمار, وقد برع الراوي في نقلها لتشتعل جوانب روحنا بطلب الثأر لدماء فهد وكل شهيد من شهداء الأمة.
قصة عودة هي قصة باب جديد تفتحه عقلية الراوي وهو باب التوبة والتراجع عن الحرام والاعتماد على المال الحلال المال الذي نحصله بعرق جبيننا وليس بنهب أرزاق الناس وإطعام أولادنا, وقد أفلحت الأم بإقناع أولادها أن يظلوا على الزيت والزعتر لكي لا يكونوا من أهل النار أفلحت لأنها كانت القدوة ولم تكتف بالكلام والعظة.
وتكاد قصة وصية أم أن تكون الأكثر تأثيراً على النفس لما حملته من حسن تقديم صورة عن قلب الأم وكيف لهذا القلب أن يرتقي بإنسانية الإنسان إلى مصاف ليس من السهل أن نفترب منها…
لكنها الأم التي تربينا على يديها وعرفناها في أقسى درجات الشقاء والتعب والإنهاك تقدم للبيت والأسرة كل ما تقدر عليه بحنان وتفان.
لكنها هنا في هذه الوصية ترتقي إلى الأعلى بما امتلكت من أنصاف جعلها تعطي من زين لها صورة ابنها وأبقاها ناصعة ما تملك من بيت طيني عتيق وسواه.
عجاج في هذه المجموعة من لحم ودم نعرف أمثاله نصادفهم هنا أو هناك حيث لا يصلون في الوقت الصحيح, هم والوقت أو الحظ في مفارقة, نراها في سرد هذه القصة وحسن التصوير للشخصية وكأنه كان على تماس معه أو ممن وقعت عليه يد عجاج , فنال من ضخامته ما ناله كل من كان يسخر من عجاج أو يشاكسه.
تستحق قصة كي لا ننسى (قازان) ص 46 وقفة خاصة عندها لما حملته من مفردات الظلم ومأساة أمة رزحت أربعة قرون تحت نير المحتل فتحول ثلث السكان إلى صيادي عصافيرعراة ينتعلون أحذيتهم بالمقلوب والثلث الثاني تحولوا إلى لصوص خراف يقدمونها لقازان على أنها عصافير أما الثلث الأخير فقد امتهنوا العري والهتاف بحياة قازان العادل حتى ينظر بأمرهم.
أما (عندما ترحل الشمس) فهي لوحة كاريكاتورية للذين لا يصلحون حتى لو وضعتهم أربعين عاماً في القلب, ولا تخلو من سخرية مرة.
القصة التي أهدت المجموعة عنوانها ( البعد الخامس) وهو عنوان إشكالي لم تبخل علينا بدرس وعبرة بعد تحذير وحسن في السرد والتوصيف وإجادة في التقديم.
النذر حكاية أبو طافش وما أكثر هؤلاء الأبوات الطفاشين بيننا فهي حكاية الطفيليين على مائدة أصحاب النفوذ حتى إذا أصابهم مصاب أليم نذروا النذور تضرعاً ثم يتراجعون…
جزيرة من ورق اسم على مسمى يقابلها الغول وجزيرة العرائس والقصتان مرمزتان على نحو متقن.
بعد هذا التلخيص لمعظم قصص المجموعة يمكن القول إن عالم السرد الفسيح لا يبقى كذلك ما لم يمتلك الأديب أدواته من مقدرة على التقاط الحدث أو تطويع الحكاية وتوجيهها التوجيه الصحيح, ويبدو لي أن الراوي السارد في المحموعة ليس بعيداً عن القاص ولم يشذ عن القاعدة في أن النص هو الكاتب نفسه.
وكذلك امتلاك ما لديه من مهارات : اللغة التشبيه المثل والقول المأثور وحسن السبك وهذا ما عدا ما امتلكته المجموعة من قصص غريبة وغير قابلة للنفي فقد جمعت ما بين الواقعية والتخيل .
باختصار مجموعة تستحق القراءة

العدد 1110 – 6- 9-2022

آخر الأخبار
الدفاع المدني في اللاذقية يسيطر على حرائق عدة بالمحافظة غرفتا الصناعة والتجارة في حلب تبحثان آفاق التعاون وتوحيد الجهود لخدمة الاقتصاد المحلي  د.نهاد حيدر ل"الثورة".. طباعة عملة جديدة يحتاج لإجراءات إصلاحية  ينعش آمال الأهالي ببيئة أنقى.. قرار بوقف "الحرّاقات" في عين العبيد بريف جرابلس  ضبط تعديات على خطوط ضخ المياه بريف القنيطرة الجنوبي تراجع ملحوظ  في إنتاجية العنب بدرعا.. وتقديرات بإنتاج 7 آلاف طن   وزير الاقتصاد يبحث في حلب مع وفد تركي فرص التعاون والتطوير العقاري حلب تستضيف الندوة التعريفية الأولى لمشروع "الكهرباء الطارئ" في سوري الإنسان أولاً.. الصحة تطلق مشاريع نوعية في ذكرى استشهاد محمد أمين حصروني بحث عودة جامعة الاتحاد الخاصة وتسجيل طلاب جدد التحالف السوري- الأميركي يدعو الكونغرس لرفع كامل العقوبات عن سوريا لتراجع إنتاجيته .. مزارعو عنب درعا يستبدلونها بمحاصيل أخرى تركة ثقيلة وخطوات إصلاحه بطيئة.. المصارف الحكومية تراجع دورها ومهامها استئناف العمل بمبنى كلية الهندسة التقنية في جامعة طرطوس فرص استثمارية ودعم للمبدعين.. "التجارة الداخلية" في جناح متكامل بمعرض دمشق الدولي "الجريمة الإلكترونية والابتزاز الإلكتروني".. التركيز على دور الأسرة في مراقبة الأبناء وتوجيههم إزالة 22 تجاوزاً على مياه الشرب في درعا سبعة أجنحة للاتحاد العام للفلاحين بمعرض دمشق الدولي.. غزوان الوزير لـ "الثورة": منصة تلقي الضوء عل... " سوريا تستقبل العالم " .. العد التنازلي بدأ.. لمسات أخيرة تليق بدورة معرض دمشق الدولي    ترامب يهدد مجددا بفرض عقوبات على روسيا