الثورة- حسين صقر:
مع أن قواميس اللغة العربية لم تترك كلمة واحدة إلا وشرحتها وأوضحت معناها ومصدرها وتصريفها، إلا أن الفرق بقي واضحاً في معاني الكلمات كمصطلح لغوي وآخر علمي.
و في لحظات العصف الذهني هذه يدرك الباحث ضرورة التمييز بين المعنى اللغوي والعلمي، سواء كان المصطلح قانونياً أم اقتصادياً أو تربوياً أو غير ذلك.
وهذا حال المصطلحات القانونية والفرق بينها، وكي يتم تفسير النص القانوني لابد من الرجوع إلى التشريع، لا إلى قاموس اللغة، حيث هناك فرق بين أن يفسر النص قانونياً، أو يتم توضيحه لغوياً، تماماُ كما الفرق بين الإرث أو الميراث و التركة والوصية، حيث فضاءات المعرفة القانونية واسعة والتدريب المستمر لسبر أغوارها شاق ومضن.
ولكي يأنس الباحث في نفسه الكفاءة، والقدرة على التعامل مع المسائل القانونية، لا عن طريق ما يحيط به من مادة علمية فحسب، عليه تمكين عقليته القانونية، وتوسيع مداركها حتى يصبح قادراً على التعامل مع القضايا بقدر كبير من الفهم والاستيعاب، خاصة وأن قوة العقل ومرونته وسعته ويقظته هي شروط أساسية لولوج عملية التعامل مع النص.
وبخصوص موضوع الفرق بين التركة و الإرث والوصية قالت المحامية لمى شرف الدين: إن كثيراً من الناس يتساءلون عن الفارق بين المصطلحات الثلاث، موضحة أن المواريث واجبة، والوصية جائزة، كما أنها سنة، وتكون لغير وارث، أو ربما تكون لوارث شرط قبول الورثة بعد موت الموصي، لأنه لا وصية لوارث، وأشارت أن الشخص إذا لم يوص بشيء فلا أزمة في ذلك.
وأضافت أن الوصية لمن ترك خيراً، وهي تجوز للوالدين والأقارب ولمن شاء بالمعروف، بينما الميراث لمن ترك أي شيء، وإذا أوصى الميت بأكثر من ثلث التركة لا يُنفذ إلا ثلثها، بينما الميراث لا يوزع حسب الأهواء والعواطف المتعلقة بالحب أو الكره، فلا يكون لمن نحب وحرمان من نكره، لأن المال والدنيا تركهما الميت، والتوزيع والقسمة يكونان حسب شرع الله سبحانه.
وأضافت شرف الدين أن الوصية أخت الميراث، و بينهما أشباهٌ ونظائر واختلافات وفروق منها، ففي الوصية والميراث لا ينتقل المِلك إلى المُوَّصَّى له وإلى الورثةإلا بعد الوفاة، كما أن المِلك في الوصية والميراث ينتقل إلى المُوَّصَّى له وإلى الوارث من غير عوض، مشيرة أن القتل مانع من الميراث بالنص، ومانع من الوَّصِيَّة بالقياس والقانون، بينما أوجه الخلاف، يكون الميراث خلافة إجبارية، وليس كذلك في الوصية لأن المُلك لا ينتقل فيها إلى الموصى له إلا بعد القبول، و الميراث مُلك يُثبَتُ بنص الشارع، أما
الوصية مُلكٌ يُثبَتُ بإرادة المُوصِي والمُوَّصَّى له.
وتحدثت شرف الدين عن أن هناك وصية واجبة عمل بها القانون في معظم الدول العربية والإسلامية، وهي تاخذ أحكام الميراث تارة و أحكام الوصية، منوهة بأن الميراث لا يقبل الرد، فيما الوصية تحتمل القبول والرفض.
وشرحت بأن اختلاف الدين يمنع الميراث، لكنه لا يمنع الوصية، ويكون الميراث بين الذكور والإناث بالتفاضل إذا كانوا في مستوى واحد، بخلاف الوصية هي على الرؤوس بالسوية، وخلصت إلى تعريف الإرث بأنه حق قابل للتجزئة يثبت لمستحق بعد موت من كان له بسبب قرابة، أو زوجية أو ولاء، بينما التركة: هي ما يخلفه الميت من مال أو حق أو اختصاص
و الفرق الرئيسي بين الإرث والميراث هو أن في الميراث، يتم الوصول إلى تركة المتوفى بأكملها، بينما في الإرث يتم توريث ملكية معينة أو حق عقاري فقط.
وقالت اختلف العلماء في تعريف التركة على رأيين: الأول هي: ما يتركه الميت من أموال غير متعلق بها حق من الحقوق، والثاني هي: ما يتركه الميت من أموال والحقوق المتعلقة بها، أي بمعنى أن التركة تشمل ما يخلفه الميت من أموال وحقوق من جهة، ولا تشمل إلا المال فقط في رأي آخر.
والميراث هو ما يخلفه الميت من أموال فقط، وليس الأموال والحقوق معاً، لأن الحقوق المتعلقة بالتركة كالديْن لا يورث للورثة.
وعليه، يمكن القول إن التركة هي المال والحقوق المتعلقة به، كالدين على الميت. والميراث هو المال الخالص من التركة الذي لم تتعلق به حقوق قط، ويمكن أن يكون لفظ التركة والميراث مترادفين، ويمكن أن يكون نظامٍ لانتقال الأموال والحقوق القابلة للإنتقال من المتوفى إلى من يستحقها من ورثته الأحياء.