الثورة – ترجمة غادة سلامة:
مع كل المهرجانات التقليدية، استبدلت بريطانيا يوم الثلاثاء الماضي رئيس وزراء معروف بالاستعارات الملونة وعلاقته الفضفاضة مع الحقيقة لشخصية ربما قد تقدم نقاطًا غير مزخرفة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تعصف ببريطانيا.
وقد وعدت الزعيمة الجديدة ليز تروس بمساعدة بريطانيا على “التغلب على عاصفة ” التضخم والركود وارتفاع أسعار الطاقة، وتعهدت بأن تجعل البلاد تعمل وتنمو مرة أخرى مع التخفيضات الضريبية وإلغاء الضوابط، لقد استخدمت كلمة “نحن” كثيراً.
لكن لم تذكر تروس أن حزب المحافظين كان في السلطة منذ 12 عامًا، وبالتالي ساهم في التوقعات الاقتصادية المخيفة للبلاد. لم تذكر تروس أن جونسون تم طرده من نواب حزبه بعد سلسلة من الفضائح والأكاذيب، ولم تعترف تروس بأنها تم تنصيبها من قبل المشرعين وتم اختيارها من قبل 0.3 في المئة من السكان.
وجرت العادة في بريطانيا أن يقوم رئيس الوزراء المنتهية ولايته بمرافقة رئيس الوزراء الجديد بزيارة من داونينغ ستريت إلى قصر باكنغهام، وكلاهما في لندن. ولكن نظرًا لأن الملكة إليزابيث الثانية تبلغ من العمر 96 عامًا ولديها قدرة محدودة على الحركة، فقد طلبت منهم السفر إليها في منزلها الملكي بالمورال وهو منزل العطلة الصيفية في اسكتلندا.
ويبدو أن خفض انبعاثات الكربون لم يكن الشغل الشاغل اليوم للحكومة البريطانية القديمة والجديدة.
كان جونسون يشغل منصب رئيس الوزراء المؤقت منذ تموز الماضي، عندما أجبره سيل من الاستقالات من حكومته على الإعلان عن تنحيه، لكن اجتماعه مع الملكة جعل الأمر رسميًا، انحنى وقدم استقالته.
ثم جاء دور تروس للقاء الملكة لطلب الإذن بتشكيل حكومة جديدة. بعد أن أصبحت ثالث رئيسة وزراء بريطانية، بعد تيريزا ماي ومارغريت تاتشر- وجمعيهن من حزب المحافظين، بالمناسبة، يمكن لبريطانيا الآن المطالبة بالعضوية في النادي الصغير للبلدان التي انتخبت أو عينت ما لا يقل عن ثلاث رئيسات دولة أو حكومات.
لقد صنعت تروس تاريخاً بريطانياً جديداً يوم الثلاثاء الفائت بتعيينها ثلاثة أشخاص ملونين لما يسمى “المكاتب الكبرى” للدولة، جيمس كليفرلي وزيراً للخارجية، وسويلا برافرمان وزيراً للداخلية، وكواسي كارتنغ وزيراً للخزانة. لأول مرة لن يكون هناك رجل أبيض يشغل أحد المقاعد الأربعة العليا للسلطة السياسية في بريطانيا.
لقد شغلت تروس نفسها مناصب رفيعة في عهد ثلاثة رؤساء وزراء، بما في ذلك آخر فترة شغلتها كوزيرة للخارجية. ومع ذلك يعترف العديد من البريطانيين بأنهم لا يعرفون تروس تمام المعرفة، وليس بالطريقة التي عرفوا بها جونسون- عمدة لندن السابق، وكاتب عمود في إحدى الصحف، ومشجع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومراوغ متسلسل.
قد تكون حكومة ليز تروس هي الأولى في المملكة المتحدة دون وجود رجل أبيض في منصب رفيع وهي تصف نفسها بـ “امرأة يورك شاير” .
بدأت رحلتها السياسية من اليسار كديمقراطية ليبرالية. لكنها اليوم محافظة بشدة وتؤكد أن العائلة المالكة “أساسية” لنجاح بريطانيا.
حيث صوتت تروس أيضًا لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي قبل أن تصبح من أشد المؤيدين لبريكست.
وأثارت قلق مسؤولي الاتحاد الأوروبي من التهديدات بتجاوز أحكام اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي يتعامل مع أيرلندا الشمالية. قدمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تهنئة واضحة لتروس هذا الأسبوع قائلة: “بأنها تتطلع إلى علاقة بناءة مع الحكومة الجديدة. وعلى الرغم من أن تروس قد ورثت مجموعة كبيرة من التحديات، إلا أن لدى البريطانيين فكرة واضحة جدًا حول ما يعتقدون أنه يجب أن ترتقي الحكومة الجديدة إلى أهم المشاكل وهي الوضع المعيشي المتردي للناس.
كما يشعر الناس بالقلق من ارتفاع فواتير الطاقة. ومن المقرر أن يرتفع متوسط فاتورة الوقود المنزلي السنوية من حوالي 2300 دولار إلى 4100 دولار في الشهر المقبل- وهي قفزة تقارب 80 في المئة. ويقول محللون إن المتوسط قد يصل إلى 6900 دولار العام المقبل. هذا إذا لم تتدخل الحكومة.. في الوقت نفسه، بلغ التضخم 10 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ 40 عامًا.