الثورة- ترجمة ميساء وسوف
كيف يمكن لدولة تسجن نسبة من سكانها أعلى من أي دولة أخرى في العالم أن تكون دولة ديمقراطية؟.
كيف يمكن للدولة التي (جنباً إلى جنب مع المملكة المتحدة التابعة لها) تسجن منذ أكثر من عقد في سجن كبير جداً بطلاً عالمياً للديمقراطية، جوليان أسانج، دون أن تتم محاكمته وإدانته في أي محكمة أن تكون ديمقراطية؟.
كيف يمكن للدولة التي خدعت شعبها لغزو وتدمير العراق في عام 2003، دولة لم تهدد الولايات المتحدة ولم تشكل أي خطر عليها، أن تكون ديمقراطية؟.
كيف يمكن للبلد الذي بدأ التخطيط سراً عام 2011 لانقلاب وتم تنفيذه عام 2014، والذي أطاح بحكومة أوكرانيا المحايدة ونصّب هناك بدلاً من ذلك حكومة مناهضة لروسيا بشكل مسعور، أن تكون دولة ديمقراطية؟.
ماذا يمكن أن يقال عن هذا أكثر من ذلك؟، بما أنه لا توجد دولة ديكتاتورية تدعو نفسها بذلك فإن وسائل الإعلام “الإخبارية” في ذلك البلد لن تنشر هذه الحقيقة، ولكنها ستعلن دائماً أن النظام فيها ديمقراطي، وبالتالي الاستمرار في نشر الأكاذيب.
ما مغزى هذه الكذبة؟ إنه مهم للغاية، وهنا السبب، إنه يمكّن تلك الحكومة من قصف الحكومات الأخرى، تلك التي تنوي تغيير الأنظمة فيها وبالتالي إضافتها إلى قائمتها الطويلة الحالية للأنظمة العميلة (الدول التابعة)، والتي تسميها “حلفاءها”، من خلال اتهام تلك الحكومات المستهدفة أنها “ديكتاتورية” أو”شمولية”، أو أي مصطلح ازدرائي آخر، ثم القيام بالغزو العسكري المباشر، أو عن طريق الغزو بالوكالة (كما كان الأمر باستخدام جيوش مأجورة من الإرهابيين في سورية)، أو عن طريق الانقلاب أو الخنق الاقتصادي عبر فرض عقوبات (كما في حالة فنزويلا وإيران وغيرهما)، أو عن طريق التخريب (كما هو الحال في البرازيل). فالولايات المتحدة تعتبر جميع الدول، مثل فنزويلا، إيران، سورية، الصين، روسيا، أو كوريا الشمالية، معادية لها، وتريد أن يصبح العالم بأسره، في نهاية المطاف، محكوماً بهذه الديكتاتورية العالمية المفرطة النفاق، والتي تتوق لأن تكون أول إمبراطورية شاملة مهيمنة في العالم، (كان هتلر يأمل نفس الشيء بالنسبة لألمانيا).
الدعاية هي عنصر أساس في أي إمبراطورية، من أجل “تبرير” ما تفعله، وكل إمبراطورية مبنية على الأكاذيب. ويعتبر ادعاء النظام الأمريكي بأنه ديمقراطي أمراً ضرورياً حتى يكون لاستراتيجيته الفوقية لغزو العالم فرصة للنجاح، فقط من خلال الادعاء بأنها الديمقراطية النموذجية في العالم.
أعطى الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحائز على جائزة نوبل للسلام أوضح تعبير عن هذا الادعاء بأن بلاده أفضل من جميع الدول الأخرى، والأعلى على الكوكب بأسره، عندما قال لقادة أمريكا العسكريين المستقبليين، في 28 أيار 2014: “الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي لا غنى عنها ولا تزال كذلك، كان هذا صحيح بالنسبة للقرن المنصرم، وسيكون كذلك بالنسبة للقرن القادم إن “العدوان” الروسي على دول الاتحاد السوفييتي السابق يثير قلق العواصم في أوروبا، في حين أن صعود الصين الاقتصادي ونفوذها العسكري يقلق جيرانها. من البرازيل إلى الهند، تتنافس معنا الطبقات المتوسطة الصاعدة ، وتسعى الحكومات إلى الحصول على رأي أكبر في المنتديات العالمية.. ستكون مهمة جيلك الاستجابة لهذا العالم الجديد”.
ولكن الحقيقة المطلقة أن آراء الجمهور العالمي ستتبدل قريباً رأساً على عقب بشأن كون أمريكا الآن “ديمقراطية”، ومع ذلك، ربما، بدلاً من ذلك، ستأتي الحرب العالمية الثالثة قبل حدوث ذلك، وسيكون الأوان قد فات، لذلك يجب على الجميع أن يأمل في إنهاء الكذبة (أن أمريكا ديمقراطية) قبل أن ينتهي العالم.
أي نوع من الديكتاتورية هي الولايات المتحدة؟، إنها حكومة صوتها دولار واحد، يحكمه أصحاب المليارات، الذين يختارون ويمولون المهن لجميع المرشحين الناجحين للمناصب الفيدرالية ومكاتب الولايات؛ بعبارة أخرى، إنها أرستقراطية وليست ديمقراطية.
الديمقراطية هي حكومة تمثل الشعب لا الدولارات (وليس الثروة)، فأمريكا هي ديكتاتورية وحكومتها يمثلها المليارديرات فقط. إنها تتظاهر بكونها دولة ديمقراطية (أو “جمهورية”)، من أجل أن تكون قادرة على الانغماس في البلدان الخاضعة التي لم تصبح بعد “حلفاء” لها، وهي تتوق إلى إمبراطورية أكبر من أي وقت مضى. لذلك هي تتجه باستمرار ضد “الأنظمة الاستبدادية”، التي هي نفسها في الواقع واحدة منها، وربما أسوأها وأخطرها على الإطلاق.
