الثورة – نيفين أحمد:
يواجه الآباء حالياً صعوبات ومشاكل في تربية أبنائهم في هذا الزمن الصعب وتختلف هذه الصعوبات عن التي واجهها أهاليهم قبل دخول التكنولوجية إلى عالمنا واقتحامها لكل مناحي حياتنا.
وللاقتراب من عقول الآباء والأمهات ومعرفة ما هي وسائل التربية في زمن الإنترنت الصعب كان لنا عدة لقاءات مع عدد من الأهالي واستطلعنا آراءهم حول هذا الموضوع..
يقول علي أحمد إنني أفضل الأسلوب الذى يعتمد على الحرية مع الرقابة الأسرية إذ أرى أنه من المهم أن تكون هناك رقابة وأن يكون هناك حوار وأفضّل أن تكون الرقابة الأسرية غير مباشرة، لذا من المهم التركيز على العامل الأخلاقي على أن يكون هذا في بداية مرحلة الطفولة حتى ينشأ الشاب وفي داخله الحصانة الذاتية.
ويقول نداء بدور متزوج ولديه أولاد في مرحلة المراهقة يجب أن تكون هناك ضغوط في التربية وأنا أحاول أن أغرس في أولادي المبادئ والتعاليم الصحيحة، وأفضل أن أمارس الرقابة الشديدة علماً أن أسلوبي مع أبنائي يختلف عن الأسلوب الذي تربيت عليه، فقد كنا نوجه بشكل خاطئ ولم تكن لدينا الإمكانات المادية المتوافرة لجيل اليوم.
أما رغد طالبة جامعية فتقول أنا مع الرقيب الذاتي والحوار مع الآخر في آن واحد لأنه من وجهة نظري من الضروري مناقشة الأكبر سناً فيما نمر به من تغيرات وما يواجهنا من مشكلات.
شقيقتها ضحى وهي أيضاً طالبة جامعية كانت أكثر وضوحاً في إيصال فكرتها إذ تقول الرقيب الذاتي هو الأسلوب الأمثل وهو الذي تربيت عليه مع الحفاظ على العادات والتقاليد وعندما أتزوج ويصبح لديّ أبناء سأحرص على تربيتهم بهذا الأسلوب لأنه الأنجح في ظل متغيرات العصر.
في حين ترى سوزانا وهي أم لاثنين من الأبناء أكبرهم في بداية المراهقة أنها مع مبدأ الصداقة بين الآباء والأبناء حين يتوفر عنصر الأمان وعدم الخوف من الأهل حيث إن الابن في هذه المرحلة الحساسة يخاف من أن يخسر ثقة والديه لو أقدم على تصرف سيئ، لذا أحاول أن أكون قريبة جداً من أبنائي وأنا صديقة لهم هكذا بدأت أسلوب تربيتي معهم منذ البداية وأحاول أن أتعرف على أصدقائهم وفي الحقيقة أنا أراقب أبنائي لكن بأسلوب واع وحذر لكي لا يشعرون بأني لا أثق بهم.
وفي محاضرة للدكتورة لينا الحمصي في المركز الثقافي بالمزة أكدت على ضرورة المتابعة والرقابة على الأبناء، ففي ظل الانتشار الواسع للانترنت بات من الصعب حجب ومنع الأبناء من استخدامه، لذلك يتوجب على الأهل توجيه ومشاركة أبنائهم عند استخدامهم للانترنت، فهو سلاح ذو حدين فيه النافع والضار والخطير على الأبناء في مختلف المراحل العمرية.. ما يستدعي أن يكون الأهل على معرفة واسعة بأساليب استخدام الانترنت ليتمكنوا من مواكبة العصر ومستوى معرفة الأبناء باستخدام الانترنت والإشراف بشكل صحيح عليهم وتوجيههم للمفيد لهم تبعاً للمرحلة العمرية للابن.
وأضافت أنه يتكامل العامل الاجتماعي المتمثل في العادات والتقاليد مع العامل الديني فالرقيب الذاتي هو “الضمير الأخلاقي” الموجود في كل شخص والذي يمنع الشخص من الوقوع فريسة للانحراف فهناك إنسان لديه ضمير حي وآخر ضميره ميت وهذه مقولة على ألسنة الناس على مدار اليوم معظم الجرائم الموجودة في المجتمع نتيجة ضعف الضمير لأن الضمير هو مجموعة القيم والمبادئ التي يمتلكها الشخص داخله نتيجة التربية الصحيحة التي ينشأ عليها الطفل منذ صغره عن طريق الوالدين في مرحلة ما قبل المدرسة أي خلال السنوات الخمس الأولى فهذا الضمير أشبه بـ “رادار داخل الإنسان” ينذر بوقوع الخطر ويمنع الفرد من ارتكاب الخطأ.
* فجوة فكرية بين الآباء والأبناء:
وقالت الحمصي: يعتبر وجود فجوة فكرية بين الآباء والأبناء السبب الرئيسي لمنع أولياء الأمور من معرفة كيفية تفكير الأبناء أو ضبط سلوكياتهم في العصر الحديث، حيث لا يمكن أن يكون هذا العامل من العوامل المؤثرة في زيادة الانحراف والسبب لأن اختلاف المستوى التعليمي لا يمنع دور الأب في الرقابة على الأبناء فعدم معرفة الأب بالكمبيوتر لا يمنعه من التدخل في رقابة الابن لأن غريزة الأبوة مع خبرة الحياة التي مر بها تجعله يعرف الجيد من السيئ ويستطيع أن يوجه أبناءه إلى الأساليب الصحيحة والدليل أن جيل الآباء الذي تربينا على أيديهم كانوا أميّين ومع ذلك أوصلوا جيلنا إلى المستوى الجامعي وما فوق الجامعي فالأمية ليست تعليمية لكنها أمية الدور الذي يلعبه الأب في المنزل فمن الممكن أن يكون الأب متعلماً وحاصلاً على أعلى الدرجات العلمية لكنه أميّ في التعامل مع أهل بيته وهذا هو الخطر الحقيقي.

التالي