الثورة- ترجمة – ميساء وسوف :
تلعب الولايات المتحدة الأمريكية كل أوراقها للتنافس مع الصين، وتحاول باستمرار إنشاء جبهات جديدة، وتستغل العمل بتغير المناخ كواحد من أهم هذه القضايا. فقد وقع الرئيس جو بايدن الشهر الماضي على قانون خفض التضخم، الذي يوفر الدعم للصناعات الخضراء المحلية الأمريكية وانتقال الطاقة باستثمارات غير مسبوقة تبلغ 370 مليار دولار.
الجدير ذكره، أن الحزب الديمقراطي(حزب بايدن)، قد صنف الإجراءات المذكورة أعلاه كجزء من الأمن القومي للطاقة، مؤكداً أن دعم موثوقية الطاقة والإنتاج الأنظف هو لتقليل الاعتماد الاقتصادي للولايات المتحدة على الصين وتعزيز المنافسة معها.
منذ أن تولى بايدن منصبه، لاحظ العديد من المحللين أن الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، يربط تدريجياً الإجراءات المتعلقة بتغير المناخ بالأمن القومي.
إن مفهوم الأمن المناخي الذي عبرت عنه الأوساط الأكاديمية والسياسية الأمريكية قد جلب منطق المواجهة بين القوى الكبرى إلى العمل المناخي، ومن المعروف أن هذا العمل يعد طبيعياً نشاطا ذا أهمية نبيلة وأخلاقية للبشرية.
لكن اللهجة مختلفة تماماً عن النظرة التقليدية للأمن المناخي، التي اعتبرت تغير المناخ تهديداً مشتركاً للبشرية والتي لا ينبغي الاستهانة بتهديدها المحتمل.
اقترح كل من الديمقراطيين والجمهوريين خطتهم لفرض رسوم جمركية على الكربون، ونظراً لأن كلا الطرفين يعتبر الصين تهديداً للأمن القومي للولايات المتحدة ، فإن إضعاف قطاع التصنيع في الصين واستبعاد السلع الصينية ذات الانبعاثات الكربونية العالية يتم التعامل معها كإجراءات مهمة للحفاظ على الأمن الاقتصادي القومي للولايات المتحدة.
قدم السيناتور شيلدون وايتهاوس، من ولاية رود آيلاند الديمقراطية، في حزيران “قانون المنافسة النظيفة”، الذي سيفرض تعديلاً لحدود الكربون على مجموعة من السلع المستوردة، بما في ذلك الوقود الأحفوري والبتروكيماويات والصلب والإسمنت والأسمدة.
ستبدأ الضريبة في العام 2024 بسعر 55 دولاراً للطن. نظراً لأن الولايات المتحدة، وخاصة الولايات الزرقاء، لديها كثافة منخفضة لانبعاثات الكربون في القطاعات المذكورة أعلاه، فإنهم يعتقدون أنه من خلال فرض مثل هذه التعريفات الجمركية على الكربون، فإنها ستعزز القدرة التنافسية المحلية والأجنبية للولايات المتحدة في “التصنيع النظيف”.
على الرغم من أن الجمهوريين كان يُنظر إليهم تقليدياً على أنهم سلبيون بشأن تغير المناخ، فقد أطلق عضو الكونغرس كيفين مكارثي، الزعيم الجمهوري، في حزيران فريق عمل الطاقة والمناخ والمحافظة (ECC).
إضافة إلى السياسات الاقتصادية والصناعية، ربطت بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، قضايا المناخ بقضايا حقوق الإنسان، وطالبوا الصين بتحمل المزيد من مسؤوليات إدارة المناخ من خلال إدخال آلية عالمية لأمن المناخ.
يبدو أن النقاش حول قرار في مجلس الأمن الدولي العام الماضي يشير إلى الآثار بعيدة المدى المحتملة على مشهد الحكم الدولي لهذا الخطاب الغربي الذي يجمع حقوق الإنسان والأمن وتغير المناخ.
في 13 كانون الأول 2021 رفض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشروع قرار شاركت في رعايته النيجر (رئيس المجلس لشهر كانون الأول) وأيرلندا والذي كان من شأنه دمج المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ كمكون مركزي في استراتيجيات منع نشوب النزاعات الشاملة للأمم المتحدة بتصويت مسجل بأغلبية 12 صوتا مقابل صوتين (الهند، روسيا)، وامتناع عضو واحد عن التصويت (الصين). وشدد الجانب الصيني، عند توضيح موقفه، على ضرورة تجنب تعميم المفهوم الأمني لقضايا المناخ.
ويحدد المبدأ بوضوح المسؤوليات التي ينبغي أن تتحملها البلدان المتقدمة، ولكن إذا تم دمج المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ في آليات عمل منع الصراع، فسيسمح للدول المتقدمة بأعذار جديدة للتنصل من مسؤولياتها والتزاماتها التاريخية، مع دفع مسؤوليات الصين، وهذا غير عادل للصين وينتهك مبدأ العدالة في إدارة المناخ.
إن معالجة تغير المناخ إضافة إلى تطوير حقوق الإنسان هي دائماً أهداف تسعى إليها الدول المسؤولة. ومع ذلك ، فقد حوّلت بعض الدول الغربية في العقود القليلة الماضية المفهوم النبيل لتنمية حقوق الإنسان إلى أداة سياسية للسعي إلى الهيمنة من خلال التلاعب السياسي.
في الوقت الحاضر، وجدنا أن قضايا المناخ تم التلاعب بها سياسياً من قبل دول معينة في الغرب بحجة الأمن. يجب أن يعمل المجتمع الصيني مع الأشخاص المهتمين حقاً بتغير المناخ في جميع أنحاء العالم، وأن يقاوموا بشكل مشترك التلاعب السياسي الخادع في قضايا المناخ من قبل مجموعات معينة من صانعي السياسة الغربيين.