ذهبتْ زوجتي العزيزة من الصباح الباكر لمراجعة الطبيب – يوم أمس السبت – وذهب قلبي معها لأنها أوصتني بأن أرسل لها رصيداً لهاتفها النقّال، طلبتْ مني ذلك وحذّرتني بأنها لن تكون قادرة على إجراء أي اتصالٍ معي ولا مع أي أحد إن نسيتُ هذه المهمة، ثم أطبقت الباب وانطلقتْ على هذا الأمل بلا رصيد.
ولأنني زوجٌ لطيف ومطواع وأعرف حدودي جيداً، وأنني لن أكون مسروراً إن أهملتُ الطلب، اتجهتُ إلى أجهزة الاتصالات لديّ مباشرة لتنفيذ المهمة، فالبنك العقاري الذي يستوطن راتبي في خزائنه، قام – ومنذ أكثر من عقدٍ من السنين مشكوراً – بمنحي فرصة الدخول إلى بنك الأنترنت، وزوّدني بمفتاح الدخول إلى خزانتي، ومكّنني من سحب ما أريده من أموالٍ لأغراضٍ حددها هو، ومن ضمنها شحن بطاقات الخليوي التي من خلالها يمكنني تحديد المبلغ الذي سأشحن به البطاقة.
فتحتُ اللابتوب وطلبتُ المصرف العقاري عبر محرك البحث فظهر على القوائم ومعه بنك الأنترنت أيضاً، ضغطتُ مباشرة على بنك الأنترنت فلم يستجب، وراحت تلك الدائرة الزرقاء تفتلُ في سماء الشاشة، وتفتلُ ومن ثم تفتل إلى أن وصلتني على الشاشة رسالة تقول : “لا يمكن الوصول إلى هذا الموقع الإلكتروني .. أعد المحاولة” وصدّقت النصيحة ورحتُ أعيد وأعيد بلا جدوى .. عشرات المرات والمحاولات بلا فائدة، الرسالة ذاتها لا يمكن الوصول.
استنفرت أعصابي وازدادت طرَقات قلبي النابضة، فتركت اللابتوب جانباً، وحاولت إنجاز العملية عبر الهاتف الخليوي، ولكن كانت النتيجة ذاتها..!
بقيتُ على هذا المنوال متنقلاً بين اللابتوب والنقّال حتى الساعة الواحدة والنصف، وإذ بطرقات زوجتي على باب البيت، فقفزتُ نحو الباب، وأحسستُ أنّ وجهي مُعبّقٌ بالحرج والخجل، فتحتُ لها وكان وجهها أكثر تعبيقاً، فسألتها متصنعاً البلاهة: خير يا عزيزتي ..ما بكِ ..؟ هل أقلقكِ كلام الطبيب..؟ ما الحكاية..؟ وماذا قال لك..؟ فأوضحت أن مراجعة الطبيب كانت مُطمئِنَة ولكن المصيبة كانت بأزمة النقل والمواصلات والازدحام الشديد ضمن دمشق وأثناء الوصول إلى مدينة عدرا العمالية حيث نسكن هناك على أنقاضٍ وآثارٍ إرهابية تجري عمليات ترميمها بإيقاعٍ سلحفاتي بامتياز.
لأول مرة أشعر بروعة أزمة النقل والمواصلات التي أنستها الرصيد، وعند المساء تمكنتُ من الدخول إلى بنك الأنترنت، وأرسلتُ لها رصيداً فاستفاقت على التقصير، وطبعاً – بحكم الأسرار العائلية – لن أقول لكم شيئاً عن النتائج، ولكنني أتوجه إلى البنك العقاري راجياً منه الرأفة بنا والعمل دائماً على جهوزية موقعه كي نتفادى ما حصل، وله الأجر والثواب.
وعلى سيرة المصرف العقاري مع مدينة عدرا العمالية نشير إلى أنّ العقاري ما يزال يُفوّت على نفسه فرصاً مجزية يمكنه استثمارها مُحققاً الأرباح المؤكدة، فصاحب كل شقّة موجودة في هذه المدينة بقديمها وبتوسعاتها الجديدة البالغة نحو عشرة آلاف حتى الآن، هو من المتعاملين المؤكدين للبنك العقاري، لأنه شهرياً سيدفع قسطاً في البنك لحساب المؤسسة العامة للإسكان، ومع هذا لا يوجد فرع للبنك العقاري ولا حتى مكتب يقوم باستقبال هذه الأقساط، وكان يمكن للفرع أو المكتب أن يجري الكثير من العمليات المصرفية الأخرى التي ستسهم بتحسين أوضاعه والتخفيف من معاناة آلاف الزبائن، وكم سيكون العقاري رائعاً إن أقام صرّافاً آلياً في هذه المدينة الخالية من أي صرّاف ومن كل الخدمات البنكية..؟ وهناك العديد من الأبنية الحكومية في مدينة عدرا العمالية يمكن استخدامها لهذه الغاية.. فهل نحلم ونأمل ..؟ أم نُسكّر على الباقي ونستريح..؟