الثورة- ترجمة غادة سلامة :
عندما تولت الملكة إليزابيث الثانية العرش عام 1952، كانت الإمبراطورية البريطانية قد دخلت أيامها الأخيرة. على الرغم من أن بريطانيا احتفظت بالسيطرة على مساحات شاسعة من الكوكب وعدت مئات الملايين من الناس كرعايا، اتسمت بداية “العصر الإليزابيثي الثاني” بالاضطرابات والثورة في أفريقيا والشرق الأوسط ضد الحكم البريطاني. في وقت انضمامها، كان هناك أكثر من 7.3 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بينما كان هناك 55 مليونًا آخرين على الأقل تحت النفوذ البريطاني. مهد سقوط العثمانيين عام 1918 الطريق أمام بريطانيا وفرنسا لتقسيم المنطقة بعد حقبة مظلمة من الاحتلال العثماني البغيض، وكسر الوعود ورسم حدودًا تعسفية ضمنت فعليًا عقودًا من الصراع في جميع أنحاء المنطقة. عندما اعتلت إليزابيث الثانية العرش، تشكلت بعض القوى التي لم يكن لدى القادة الجدد فيها أي نية لاستبدال إمبراطورية بأخرى، على الأقل بريطانيا. وصلت قوة وشرعية لندن إلى الحضيض. لم تخلف بريطانيا وعدها للعرب بتقسيم المنطقة فحسب، بل سلمت فلسطين في عام 1948 لكيان إسرائيل من خلال وعد بلفور المشؤوم. لقد دخلت الإمبراطورية البريطانية محطتها الأخيرة عندما اعتلت الملكة إليزابيث العرش. بعد خمسة أشهر من حكمها، وجد هدف إخراج بريطانيا من الشرق الأوسط زخمًا جديدًا. وقامت مجموعة من ضباط الجيش بقيادة محمد نجيب وجمال عبد الناصر، بانقلاب ضد ملكية الملك فاروق المدعومة من بريطانيا. وكانت واحدة من أكثر التحولات السياسية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن هدف إزالة أي بقايا من النفوذ البريطاني في مصر لم يكن كاملاً. خاصة عندما شنت المملكة المتحدة، بدعم من فرنسا وكيان إسرائيل، عدوانا عسكريا للسيطرة على القناة التي تم تأميمها بعد ذلك. قناة السويس كانت محاولة أخيرة لوقف تراجع بريطانيا على المسرح العالمي. لقد عانى العدوان الثلاثي، كما أصبح معروفا، من هزيمة مخزية لبريطانيا وفرنسا و”إسرائيل” . كما أثار هذا العدوان الرأي العام العالمي ضد بريطانيا وحلفائها. ومع ذلك، لم يتوقف دور بريطانيا وإرثها في المنطقة واستمرت الملكة إليزابيث الثانية والعائلة المالكة بشكل عام في توطيد العلاقات مع بعض دول الخليح. لتستمر هذه العلاقات لخدمة مصالح بريطانيا لعقود قادمة. أصبحت الشراكات القوية مع دول الخليج التي أقيمت من خلال الروابط بين أفراد العائلة المالكة في الخليج ولندن أمرًا حيويًا لمصلحة المملكة المتحدة .