” كسرة رجل متقاعد “

لم أستطع غض البصر عن ذلك الرجل المسن وهو يجلس بجانب الصراف يعد راتبه وكلما عدّ مجموعة أوراق نقدية يطويها ويضعها جانبا، وعندما ينتهي يضع رأسه بين كفيه ثم يعود لتجميع الأوراق وإعادة توزيعها.
سألته في تطفل أو فضول لم أعهده، هل تريد مساعدة؟ .. رد بعد تنهيدة طويلة قائلا: “إذا الرب بدو يساعد بياخد الواحد بعد التقاعد”!
تتنوع الآمال والأحلام عند الأشخاص، وتتخذ لدى البعض حالات تطرف، ولكن أن تصل ببعض الأشخاص إلى الأمل بالرحيل فهذا أبعد من تطرف ويعبر عن صرخة ألم ويجسد حالة بؤس حقيقية.
عندما يكون التقاعد من الوظيفة العامة نهاية للموظف وليس بداية لمرحلة جديدة، فقد يتحول المتقاعد الى شخص ناقم يعاني من اضطرابات نفسية وصحية تقوده إلى حلم الرحيل.
التقاعد من أخطر الحالات، وأكثر الحالات حساسية ويجب التعامل معها باهتمام ولاسيما في الأزمات، فالتقاعد فيه خسارة كبيرة للخبرات والمهارات التي يصعب تأمين البديل لها ولاسيما ببعض القطاعات النوعية والتقنية ،فمن السهل أن يأتي شخص يحمل الشهادة الثانوية ليقوم بالتدريس وقد ينجح ، ومن السهل أيضا أن يأتي شخص متحدث ونبيه وخلوق ليفصل بين الناس بالقضايا الخلافية بالعدل، ولكن من الصعب أن يأتي شخص لإصلاح وتشغيل التجهيزات النوعية في بعض القطاعات ولو كان يملك أعلى الشهادات ولكن ليس لديه الخبرة، ولذلك التعاطي مع العاملين في الجهات العامة بنفس المعايير بالتقاعد دون تمييز أو إعطاء خصوصية للقطاعات النوعية، سيقود إلى فراغ جهاتنا العامة من الكفاءات والخبرات والمهارات، هذا بالنسبة لأهمية المتقاعد للجهات العامة.
أما بالنسبة للمتقاعد نفسه فهو أكثر الأشخاص حساسية ويحتاج إلى عناية واهتمام، لأنه من جانب شعر بعدم الحاجة إليه والاستغناء عنه بعد عمر أمضاه في العمل والعطاء، ومن جانب آخر عليه أن يبدأ مرحلة جديدة من العمر بكل ما لديه من أعباء وأمراض وواجبات لم تنته بتقاعده.
تحركت كثير من الجمعيات والنوادي والجهات الرسمية والخاصة للاهتمام بكافة الشرائح العمرية لتخفف عنها آثار الحرب وتقدم لها الدعم المادي والنفسي، ولكن دون أن يكون لشريحة المتقاعدين أي خصوصية أو اهتمام.
شريحة المتقاعدين هي الشريحة الأكثر هشاشة في المجتمع صحيا ونفسيا، وهي أكثر شريحة بحاجة إلى دعم مادي ومعنوي، تقديرا لما قدمته ولمكانتها الاجتماعية ،فليس هناك أصعب من كسرة الرجل و دموعه.
في التعاطي مع ملف التمديد هناك الكثير من السلبيات والظلم والخطأ بحق قطاعنا العام الذي تسربت كل خبراته وكوادره، ولا يُعقل أن نتمسك براغب ترك عمله كارها وأمامه من الفرص الكثير، وندفع بخبرات ومهارات منتمية ومتمسكة وقادرة على التقاعد وترك عملها رغم طلبها للتمديد.
المتقاعد شخص قدم الكثير لبلده وعائلته، ولذلك يجب أن نهتم به وألا يشعر بأن دوره قد انتهى وعليه أن ينتظر القدر لينقله إلى عالم آخر لا تقاعد فيه.

آخر الأخبار
الرئيس الشرع والبطريرك يازجي ..وحدة السوريين صمام الأمان أمام محاولات التقسيم والتفكيك  "العدل" : عدم فك احتباس الحفارات التي تقوم بحفر آبار  بدون ترخيص   الشيباني مع المحافظين : الاستفادة من الدعم الدولي بما يخدم الأولويات المحلية   الرئيس الشرع يستقبل البطريرك يوحنا العاشر يازجي وتأكيد على الدور الوطني        انفجار المزة ناجم عن عبوة ناسفة مزروعة بداخل سيارة مركونة  المجتمع الأهلي يجهز بئر مياه كويا بدرعا  تحديات بالجملة أمام عودة أكثر من 2,3 مليون سوري عادوا لديارهم  ارتفاع الدولار وحرائق الساحل تنعكس على الأسعار في الأسواق  ريادة الأعمال في قلب التغيير.. النساء دعامة المجتمع خفايا  ثوب الانفصال!   حملة تنظيف لشوارع الصنمين بعد 15 يوماً على تخصيص رقم خاص للشكاوى.. مواطنون لـ"الثورة": عزز الثقة بعمل مديريات محافظة دمشق بسبب الضياع المائي .. شح في مياه الشرب بدرعا معرض دمشق الدولي .. منصة شاملة تجمع التجارة بالصناعة والثقافة عودة بئر "دير بعلبة" للعمل شهر على اختطاف حمزة العمارين.. قلق متصاعد ومطالبات بالكشف عن مصيره الفرق تواصل السيطرة على آخر بؤر حرائق كسب بريف اللاذقية دراسة إعفاء الشاحنات ومركبات النقل من الرسوم  وتفعيل مركز انطلاق السيارات السورية مع لبنان السويداء بين شعارات "حق تقرير المصير" وخطر الارتماء في الحضن الإسرائيلي "معاً نبني سوريتنا" .. لقاء حواري يعيد رسم ملامح التكاتف المجتمعي في سوريا