“كل متهم بريء حتى تثبت أدانته بحكم قضائي بات”.. باستثناء الشريحة الواسعة في أسواقنا التي تنطبق عليها القاعدة القانونية المعدلة شعبياً “والكلام هنا لأصاحب الدخل المحدود لا بل المعدوم أصلاً”، بأن “كل متهم ـ تاجر أو بائع ـ مدان ما لم يخفض أسعاره، ويكف عن التلاعب بكفتي ميزانه، والسير على خطى أهل كاره، وتثبت براءته بحكم شعبي عام وبات”.
كل يغني على ليلاه باستثناء صاحب الدخل المحدود الذي لم يعد يعرف ما إذا كان العرس في دوما، والطبل بحرستا “أم بالعكس”، والفضل في ذلك يعود لـ”عضوات” كار المال والأعمال والتجارة وتحديداً الاتحاد والغرف التجارية، الذين لم ينبسوا ببنت شفة، بعد صدور قرار رفع سعر صرف دولار الحوالات”من 2814 إلى 3015 ليرة”، وإنما نتيجة “تطنيشهم المقصود” وهم يشاهدون حالات الهرج والمرج وعنتريات التجار والباعة والمستورد “على حد سواء” وضربهم كل قواعد وأدبيات وأعراف التجارة عرض الحائط، خلال تقديمهم مسرحيتهم السعرية الهزلية بأقبح صورها وأبشع معانيها.
هذا أقل ما يمكن أن يقال، ونحن نسمع ونشاهد الحركات الصبيانية التي رافقت قرار المركزي برفع سعر صرف الدولار، والذي كان وللأسف بمثابة الصيد الثمين جداً، والفرصة الذهبية التي يمكنهم تعويضها أو رفضها، التي دفعتهم مجتمعين للهاث وراء تبني وتثبيت والتلاعب “زوراً وبهتاناً” بنشرات أسعارهم “الخلبية”، التي لا تمت لأي قانون أو أي علاقة تجارية أو تعامل تجاري بصلة لا من قريب ولا حتى بعيد.
ما جرى لا يمكن لعاقل إدراجه إلا تحت بند “الطمع والفجع والجشع” القائم على إثراء شريحة من التجار الكبار والصغار على حد سواء والباعة بلا سبب مشروع، وافتقار “أكثر مما هو فقير حاليا” صاحب الدخل المحدود دون مسوغ مشروع .. من أجل ماذا .. من أجل حفنة من اللصوص “نعم لصوص” الذين يتناوبون على زيادة طين الضائقة المالية والمعيشية والغذائية والدوائية والتعليمية .. بلة.
ما يجري لا يمكن السكوت أو غض الطرف عنه بعد اليوم.. ما يجري سرقة موصوفة بامتياز والجناة يجب أن يحاسبوا ويعاقبوا ويعلموا أن السرقة جرم لا يرتكبه فقط اللصوص والعصابات، وإنما هناك تاجر وبائع .. يسرقون قوت المواطن ويتاجرون بلقمة عيش أسرته وأطفاله وأهله بوضح النهار بحجة أو بغير حجة كون الأمر سيان بالنسبة لهم .. وهؤلاء يجب على الحكومة ومن خلال أذرعها التنفيذية الحديدية لا الكرتونية واليوم لا غداً ضربها لا دغدغتها بقوة تعادل حجم الضغط النفسي والمادي الذي يعيشه المواطن يومياً .. لا لشيء .. وإنما ليعرفوا أنهم كانوا أنفسهم يظلمون.