في رحيل الفنان عيد يعقوبي .. عن دوره الريادي النقابي والتشكيلي ..

الثورة ـ أديب مخزوم:
رحل الفنان التشكيلي عيد يعقوبي (من مواليد دمشق 1934) بتعتيم مخجل وبصمت شبه كلي، هو الذي كان له دور حيوي وريادي في نقابة الفنون الجميلة، حين كان في السبعينات ، عضو مجلس إدارة نقابة الفنون الجميلة، ومدير صالة الشعب للفنون الجميلة، إلى جانب دوره ، وعلى مدى أكثر من سبعة عقود، في مجال إنتاج وعرض اللوحة الفنية التشكيلية، وخاصة اللوحة الحروفية والزخرفية، وضمن النهج الحامل ملامح جمالية حديثة وإيقاعية خاصة.
‌‌‏وخلال سنوات اغترابه في فرنسا ( قبل سنوات طويلة من بداية الحرب على سورية ) واصل، تعميق دعائم لوحته الفنية، مع طروحات اللوحة العربية الحديثة، ولقد شارك بعدة معارض وصالونات أقيمت داخل سورية وخارجها، وكان يتجه في لوحاته نحو استلهام عوالم ومعطيات الحركة الحروفية للخط المغربي، المأخوذ من المخطوطات القديمة، التي وجدها وعرفها واكتشف إمكانيتها التشكيلية منذ سنوات الفتوة والشباب، حيث كان يعمل وبشكل دائم، على إعادة تشكيلها من جديد، وبطرق تقنية مختلفة على القماش والورق والسطوح الأخرى وبمواد تلوينية متنوعة، وأحياناً بالأسود والأبيض، وهذا التنوع التقني والتشكيلي منحه انطباعات جديدة وإيقاعات لونية متفاوتة، كما لو أنه كان يستخدم المواد المختلفة والسطوح المتنوعة للوصول إلى شفافية وكثافة، مختزنة في ذاكرة الكتابة.‌‌‏
‌‌‏وفي تجارب الغوص في البحر اللوني التلقائي، تتواصل خطواته لإكمال مسيرته الفنية والتعبير عن هواجسه الجمالية، المرتبطة منذ البداية بثنائية التراث والمعاصرة.‌‌‏
وكان يجد الفنان الراحل عيد يعقوبي في بعض لوحاته مكاناً وسطاً بين التجريد الحروفي والصورية، حيث كان يدمج صورة الوجه التي لم يبق منه غير ملامح أو أجزاء، يدمجها بعالم حروفياته وزخارفه ومساحاته، فيعتمد على التقارب والتباعد بين انسيابية الحرف والمساحة اللونية المسطحة.‌‌‏
هكذا ازدادت قناعته، في الإقامة والاغتراب، بضرورة التعلق بالحركة الخطية المتداولة في تراثنا وحياتنا اليومية، وبذلك كان أحد الأوائل، الذين ساهموا بدور إيجابي، في إعادة الاعتبار لجمالية الكتابة العربية من القرن الماضي .‌‌‏
ولقد عمل منذ البداية، على ربط الاتجاهات الحديثة بالمناخ الشرقي وبالتراث وبتنويعات الذاتية الثقافية .‌‌‏ هكذا كان يستعيد إيقاعات الحروف والزخارف العربية، لا ليعارض توجهات الحداثة التي وجدها في باريس، وإنما ليجاهر بأن الأصالة الشرقية لا تنبع إلا من نسيج الذاكرة التراثية، التي تفتح المجالات الشاسعة لرحلة الكشف التلقائي عن الأفكار التشكيلية الجديدة.‌‌‏
فالنغم كان يأتي بطريقة تلقائية من الإيقاع الحروفي الراقص، وكانت لوحاته في أكثر الأحيان تتحول إلى حالة بصرية، تتداخل فيها الجمل والحروف والكلمات المصاغة بأسلوب الخط العربي، الذي كان يتحرك فيه فيخرجه من تقليديته المألوفة، ويحوله إلى إيقاعات بصرية تتداخل فيها المساحات اللونية مع الأشكال والبنى الزخرفية وبأسلوب حواري داخلي يعبر عن عمق مشاعره وأحاسيسه الداخلية .‌‌‏
إن هذا الكسر، وهذا الهدم، لسكونية القواعد الحروفية الاتباعية، يحرك الحروف في فضاء اللوحة، ويؤدي بالتالي إلى ترجمة الانفعالات الداخلية، بحيث تتحول اللوحة إلى حالة جمالية أخرى، بعيدة عن الدلالات الأدبية المقروءة ، مكثفاً بشكل واضح حالات الانفعال، وذلك بصياغة بعض الحركات اللونية بعصبية لافتة، فتتحول هذه الحركات إلى مجرد إيقاعات لونية سائلة ومتشابكة ومتداخلة مع بعضها البعض.‌‌‏
وبتعامله هذا مع اللون السائل والدي كان يصبه على سطح اللوحة أحياناً، كان يقترب من التجريد الانفعالي الحركي، فيستخدم المادة بخامتها اللونية الصريحة، التي تضفي ذلك الجو الإيقاعي لأشكال درامية (حركية) في اللوحة على طريقة ” جاكسون بولوك ” .‌‌‏
ولقد سعى في لوحاته الحروفية، لإظهار المزيد من الانسجام والتوافق بين إيقاعات الحروف والزخرفة العربية، وبين الرزانة والانسيابية، في خطوات البحث عن العمق الجمالي والتشكيلي والإيقاعي والذاتي. كما اتجه في معظم لوحاته، لإظهار العقلنة التي تتوازن مع حركة الانفعالات، مؤكدا على أهمية الانفعال في خطوات إنجاز اللوحة التي تتوافق مع تطلعات الحداثة التشكيلية، ولقد جاء في دليل معرضه الذي أقامه في صالة الشعب في تشرين أول 1974 أنه شارك في معظم المعارض الجماعية الرسمية، التي أقيمت منذ مطلع الخمسينات داخل سورية وخارجها .‌‌‏

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض