يبدو أن الانتقال بين ضفتي الخاص والافتراضي أصبح نموذجاً تعليمياً يحتذى به ويُروج له من قبل المعنيين في وزارة التربية نفسها، وكأن هذا النوع من التعليم هو الشغل الشغال للمعنيين فيها، في حين يغوص آلاف الأهالي والطلبة في نهر من الهموم وهم يبحثون عن مدارس عامة تستوفي شروط التعليم الصحيح ومتطلبات العملية الدرسية، نواقص بالجملة في الكثير من المدارس وخاصة الريفية منها وهموم تتعلق بتأمين نسخ الكتب المدرسية وارتفاع ثمنها وتأمين الملابس وأخرى تتعلق بعدم اكتمال الكادر التدريسي، والنقص بمدرسي المواد الأساسية. وغياب الخطط الدرسية التفاعلية التي طالما عقدت من أجلها ورش العمل. يلي ذلك المخاوف القادمة المتعلقة بموضوع التدفئة وبرد الشتاء.. أمور راكدة لم تحفز المعنيين لتوجيه التصريحات حولها والعمل على تذليل العقبات التي تواجه العملية التعليمة في المدارس على أرض الواقع، في حين حملت الأيام الأخيرة عشرات اللقاءات التحفيزية والتسهيلات المتعلقة بالمدارس الافتراضية المأجورة.
ما المدرسة الافتراضية وما قصة التغني بها بعد أن مضى أعواماً، كان اللحن والغناء فيها موجها إلى المدارس الخاصة التي أصبحت أعدادها أكثر من المدارس الحكومية في الكثير من المناطق، وأصبحت أسعارها بفضل التطبيل والتزمير والتسهيلات تشكل فرزاً طبيعياً بين أبناء الأغنياء والفقراء وسط إهمال لا يستهان به لتلك المنسية.
بالطبع هناك ميزات وسلبيات للتعليم الإفتراضي متفاوتة فلن نجد شيئاً لامعاً دون غبار عليه ولعل من أهم سلبياته هي نقص كفاءة المعلمين والطلاب والصعوبات الفنية وتعريف الطلبة بكيفية استخدامها، وفي أغلبية الأحيان غياب العملية التفاعلية التي يفترض أن تكون بين المعلم وطلابه عندما يكون التعليم وجهاً لوجه. وغياب مبدأ إلزامية التعليم لمن هم في الحلقات التعليمية الأولى ..
أما الأمر الآخر فكيف ستكون العدالة في العملية التعليمية بين طلاب الافتراضي والمدارس الخاصة والمدارس العامة، ما خطة الوزارة في مراقبة العملية التعليمية ومدى سلامتها في الافتراضي، وما عمليات الضبط المتعلقة بالغش والتلاعب وسط أهداف تجارية لا يمكن إغفالها لدى القائمين على هذه المدارس؟. إذ إن الاستثمار بالتعليم في المدارس الخاصة حقق نجاحات كبيرة من حيث المال والشهرة، ولعل حداثة الافتراضي لن تكون بعيدة عن نفس الأهداف التجارية .. وهذا مربط الفرس .. وهنا تكمن المخاوف في ضياع بوصلة التعليم لأهم شريحة يجب إعدادها لبناء الوطن.