في كلّ مرة يقف فيها التجار مع الجمارك وجهاً لوجه ، يفرد الطرفان ما في جعبتهما من أوراق وهموم ومشكلات .
وكالعادة تبدأ تلك اللقاءات برتم هادئ لتتطور إلى حوار ساخن لا يخلو من التبريرات التي يقدّمها كلاً منهما لتسجيل نقاط لصالح أحدهما على حساب الآخر بعيداً عن الهدف الأساسي الذي يجب أن يتفقا عليه لحماية الاقتصاد الوطني.
المشهد يشبه كلّ المشاهد التي حدثت خلال اللقاءات السابقة ، نفس الطروحات والمشكلات وذات الإجابات المتكررة دون الوصول إلى نقطة اتفاق، فالإدارة الجمركية تحاول دائماً امتصاص غضب التجار بكلمات مفتاحية ودبلوماسية على نحو ” أبوابنا مفتوحة ، معاقبة كلّ من يخالف من عناصر الضابطة الجمركية والموظفين، الشكاوى محقّة ، هناك حالات مساومة وابتزاز ” ، والتجار ليسوا بأحسن حال فمن وجهة نظرهم المشكلة الأساسية بالقيود المفروضة على الاستيراد والتصدير واعتراضهم على آلية مكافحة التهريب وأن مكان دوريات الجمارك على الحدود وليس في الأسواق لكي يتخلصوا من الخوف الدائم للمداهمات الجمركية.
اليوم تطرح الجمارك مشروع التتبع الالكتروني للشاحنات وتعقب حركة دوريات الجمارك فهل تستطيع بالفعل الحدّ من ظاهرة التهريب داخل أسواقنا وما هي الآلية لنجاحها، وأين وصلت الحملة الوطنية لمكافحة التهريب والتي كان من المتوقع أن تجعل سورية خالية من التهريب في العام ٢٠٢٠ .
للأسف من يراقب أسواقنا يراها تعجّ بالمواد المهربة في أهم المحال التجارية وأحياناً كثيرة بالقرب من الإدارة الجمركية .
قد يقول أحدهم: إن التشريعات هي السبب الأبرز الذي يدفع لاستفحال ظاهرة التهريب كونها تُحابي المحتكرين الكبار مما يدفع العديد من صغار التجار للجوء إلى التهريب .
بالمحصلة نحن بحاجة إلى خطة وطنية للحدّ من ظاهرة التهريب التي تضرّ بالمنتج الوطني وتمنعه من المنافسة لذلك لابدّ من تضافر جميع الجهات ، فالتهريب ليس مجرد مليارات تدخل جيوب فئة قليلة- هو فاقد اقتصادي يضعف قلب التنمية ويفوت على الخزينة العامة للدولة مستحقّات كان من الممكن أن تذهب لمطارح تنموية تعود بالنفع على المواطن .