الثورة – هفاف ميهوب:
كلّ يوم، يزداد شعورنا أكثر بتغيّر الزمن.. بابتعاد أناسه عن القيم والمبادئ والأخلاق، لصالحِ الفساد والجشع والأنانية والتشرذم والكراهية والتفاهة وشلل العقل والفكر..
لسنا فقط من شعر بذلك، فقد لاحظه فلاسفة منهم، الكندي “آلان دونو” صاحب “نظام التفاهة”.. الكتاب الذي أشار فيه إلى أن هذا الزمن، هو زمن الصعاليك الهابط..
زمن “التفاهة التي تشجّعنا، بكلّ طريقةٍ ممكنة، على الإغفاء بدلاً من التفكير.. النظر إلى ما هو غير مقبول وكأنه حتمي، وإلى ما هو مقيتٌ وكأنه ضروري.. إنها تحيلنا إلى أغبياء”…
لاحظ هذا أيضاً، وقبل “دونو” الأديب الأوروغواياني “إدوارد غاليانو”.. فقد رأى بأن “الإنسان ذئب أخيه”، وبأنه يقتله بطريقةٍ لا تفعلها الذئاب.
رأى ذلك، فأعلن مراراً وتكراراً بأننا “أفواه الزمن”.. الأفواه النهمة لافتراس بعضها البعض، والتي جعلته وحسب قوله، يمتهن الكتابة سعياً لإيجاد العدالة الاجتماعية والحب والتآلف، في زمنٍ وجد فيه “الأسهم الطيّبة لم تعد تعني الإشارات التي يبعث بها القلب، وإنما الأسهم التي تقيم في البورصة.. المكان الذي تحدثُ فيه أزمات القيمة…”..
لم يكن من ذكرناهم، ومعهم التشيكي “ميلان كونديرا” وحدهم من لاحظوا ذلك, بل كُثر من فلاسفة وأدباء العالم لاحظوه، وأدانوا “حفلة التفاهة”، بل الحفلات المتتالية التي تسعى للحطّ من قيمة الإنسان وقيمه، وفي أزمنة مختلفة..
إذاً، ما علينا إلا أن نراقب أنفسنا ومن حولنا في هذه الحفلة، لنسأل بعدها وباستنكار، سؤال الكاتب والباحث في علم الإنسان “ستيفن إريكسون”:
“احتفالٌ للتفاهة… أهذا كلّنا في النهاية؟!”…