تنوعت القراءات الاقتصادية لأرقام الموازنة العامة للعام القادم، وأجمعت على أنها موازنة تضخمية، وخاصة أن بعض الإيضاحات تقول: إن إيراداتها ترتكز على الضرائب والتحصيل الضريبي وعملية الإنتاج التي يجدها أصحاب الأعمال الكبيرة أنها لاتتفق في الوقت الحالي مع زيادة الضرائب.
وفي الحقيقة فإن موضوع التحصيل الضريبي هو من أهم البنود في زيادة الإيرادات، لكن المهم أن يطرح التساؤل: من أين يجب أن يكون التحصيل؟ هل من محدودي الدخل؟ أم من التاجر الصغير أو الكبير؟ مع الإشارة إلى أن بعض أنواع الضرائب تكون بمنزلة إيقاف لعملية الإنتاج خاصة، ما لم تكن مدروسة وموجهة إلى الشريحة الصحيحة التي تتهرب ضريبياً، وتحقق أرباحاً طائلة، ولا تعود أعمالها بالفائدة على تحسن في قيمة الليرة السورية.
ولعل أغلب من قرأ الموازنة العامة لم يضع الحالة الاقتصادية والمعيشية في وضع متفائل، وربما هذا أفضل من حيث الواقعية والمصداقية.. لكنه يترك كثيراً من الملاحظات عن مدى واقعية الموازنة وتناسيها لأرض الواقع والحاجات والطموحات، مع أن الجميع يعلم أن الإمكانيات محدودة، وأن العالم يسير نحو حالة تضخمية غير مسبوقة، ومع ذلك هذا لا يعني أن تكون النتائج بعيدة عن الواقع.
ونشير إلى تزامن توقيت إصدار الموازنة مع قراءة واقعية من بعض الاقتصاديين والأكاديميين السوريين لواقع الاقتصاد السوري، جاءت من صلب المشكلات الاقتصادية وبخبرة عميقة خلال ورشة الإطار العام الوطني للتخطيط الإقليمي، وقدموا حلولاً مهمة لعلها تسهم في إنقاذ الاقتصاد، لكنها تحتاج إلى الوقت، ولانعلم إن كانت الموازنة العامة أخذت بعين الاعتبار هذه القراءات، ففي كل مرة تطرح المشكلة دون حلول، لكن هذه المرة طرحت المشكلات بواقعية كبيرة، ووضعت الحلول الجيدة.. فهل نستفيد؟!
السؤال الآخر ما دام أغلب الاقتصاديين الذين تحدثوا عن الموازنة أظهروا أن النتائج غير قريبة من الحاجة والواقع، إذاً.. لماذا خرجت على هذا النحو؟!.
التالي