الثورة : ظافر أحمد أحمد
فرضت قوّة رأسمال تجارب وتطبيقات في شتى الدول لخدمة الشركات الكبرى، وفي الأنموذج الغربي شكّل رأسمال شركات عالمية عملاقة أبرزها يعمل في البيئة الأميركية بنية فكرية وسياسية وظفت السياسات على أساس أنّ كل شيء في خدمة رأسمال حتى وصل تأثير ودور الشركات العملاقة إلى أوسع نطاق جغرافي على امتداد الكرة الأرضية.
وضمن المسلمات الاقتصادية أنّ السلعة مهما بلغت حساسية استعمالها لابد لها من سوق ومستهلك، وهذا ينطبق على الأسلحة الفتاكة التي يتطلب تسويقها صناعة حروب وأزمات، وبدلالة النتائج في سوق السلاح العالمية، لايمكن تبرئة النظام السياسي في الولايات المتحدة تحديداً من الخضوع لطلبات أكبر شركات تصنيع السلاح في العالم من أجل تأمين سوق لمنتجاتها على حساب استقرار شتى الدول.
حققت شركات السلاح الأميركية أرباحاً طائلة من حرب الخليج الثانية أو ما سميت (درع الصحراء)، ثم من غزو العراق، وشتى الحروب التي تمّ تجميلها (بحرب مكافحة الإرهاب)..، وعوائد صفقات السلاح الضخمة الناجمة عن تزكية واشنطن لهواجس الخليج الأمنية، فأبرمت عقوداً بمليارات الدولارات لتسليح جيوش دول النفط العربي.
وفي أنموذج التعامل مع حرب أوكرانيا التي شكلت سوقاً لشركات السلاح الأميركية وفتحت المجال لصفقات سلاح كبيرة مع الدول الأوربية، اتخذت شركات عالمية عملاقة مواقف سياسية وتجارية تتماشى مع مصلحتها في بيئة عملها الأساسية ضمن جمهورية الإمبريالية العالمية (الولايات المتحدة)، وسحبت أو أوقفت أو علقت أعمالها وخدماتها المقدمة للجمهور الروسي بشكل تام أو جزئي وهو تطبيق عملي واسع للتوحش في أداء الشركات الكبرى.
البيانات الشخصية والعامة في شتى الدول باتت منسوخة لدى شركات التكنولوجيا الأميركية بما جعل دول العالم مكشوفة بمؤسساتها وأفرادها أمام تلك الشركات العملاقة..
ولا يبدو الأمر دقيقاً عند القناعة أنّ الشركات العملاقة في خدمة الولايات المتحدة الأميركية بل الأكثر دقة القناعة بأن الولايات المتحدة في خدمة الشركات العملاقة، التي تتدخل بشكل مباشر وغير مباشر في صناعة القرار السياسي الأمريكي الداخلي والخارجي وتفرض ما يناسب أعمالها وأرباحها.
الشركات العملاقة صريحة الوضوح بكونها رأسمال متوحش وفي أخطر نتائجها باتت تحدد قناعات وسلوك شرائح واسعة من مواطني شتى الدول.
ومن المؤكد أنّ مفتاح التعامل الصحيح مع منتجات تلك الشركات خصوصاً في المجالات الثقافية والإعلامية والتواصل الاجتماعي.. يبدأ من الوعي الشخصي لكل فرد وفي أي دولة بأنّه مستهدف برأسمال أميركي لا يرحم يستخدم حروب متوحشة وضربات ناعمة قاتلة على مدار الساعة، ويصبح كل من انقاد إلى منتجات تلك الشركات ضحية اللاوعي واستهتاره في معرفة أنّه مجرد حقل تجارب ووسيلة كي تربح شركات أميركية عملاقة.

السابق