عندما نسمع عن استقالات بالجملة في مؤسسات القطاع العام وإفراغه من كوادره لأسباب مادية بحتة يُحزننا ذلك، فالقطاع العام كان العمود الفقري لبلدنا ولولاه لكان الانهيار الاقتصادي شبه محتم.
والمشكلة أننا لم نر أي تحرك حكومي بهذا الاتجاه على الأقل للوقوف عند هذه الظاهرة خاصة في مؤسسات اقتصادية استطاعت رغم كل ظروف الحرب والدمار الاستمرار بإنتاجها بل وتحقيق أرباح لا يستهان بها.
كلنا يذكر هذا المُسمى ” المجلس الأعلى لإصلاح القطاع العام الاقتصادي ” والذي لم نعد نسمع عن عمله أي إنجاز والذي اُعتبر حينها خياراً استراتيجياً، أُشبع الكلام عنه من خلال طروحات حكومية ومقترحات وسياسات واستراتيجيات بالتشارك مع آراء ومقترحات لباحثين للخروج من عنق الزجاجة.
والتساؤلات التي تفرض نفسها: هل عجزنا عن إيجاد حلول لإعادة الروح للقطاع العام الذي يعني لنا الكثير فثمة أهداف اقتصادية كثيرة مناطة بدوره كتحقيق الاستقرار الاقتصادي والإسراع بمعدلات التنمية، يضاف إلى ذلك الهدف المحوري المتمثل في تكوين البنى التحتية للدولة وإدارة الأنشطة ذات الأهمية الحيوية والاستراتيجية.
ولعل هذا الكلام ليس جديداً إنما تأتي أهميته من الدور الإيجابي الذي لعبه القطاع الحكومي الرسمي خلال الحرب على سورية، حيث أثبت أنه الضامن الوحيد لبقاء دور الدولة قوياً وفاعلاً، بالرغم من الأعمال التخريبية التي طالت العديد من منشآته.
المراقب للوضع الاقتصادي على يقين بأن القطاع العام هو من أبقى عجلة الإنتاج في حالة دوران، يتباطأ حيناً ويتسارع أحياناً، لكن بقي العمل والدوران من سماته، رغم الضغوطات والعقوبات التي فرضت على اقتصادنا.
واليوم أكثر من أي وقت لابد من إيجاد منهج واضح يمكن القطاع العام من أداء الإنتاج بليونة أكبر وبكفاءة ومردودية إنتاجية أعلى، ليظل قائداً للاقتصاد الوطني بحيث يحافظ على مكتسباته وعلى هيبة الدولة، التي لم تتخل عبر مؤسساتها عن أي موظف حكومي وهذا بحد ذاته دليل قوة العمل المؤسساتي فيها ورسوخه، ولكن ذلك يحتاج إلى توفر الإرادة والسياسة التنفيذية عند طرح أي حل وفق معايير اقتصادية واجتماعية قبل فوات الأوان.