أنا أقلق، وأعبر عن قلقي على كل حرب، أو إرهاب، أو نزاع مسلح، أو تغير مناخي، إذاً أنا موجود.. هي القاعدة التي تلخص بشكل أو بآخر الحال الذي وصلت إليه منظمة الأمم المتحدة اليوم.
ففي سورية.. وتحديداً حيال المعاناة التي يكابدها المهجرون السوريون، وأيضاً حيال جريمة تعطيش أهالي الحسكة، وحصار “قيصر” اللا إنساني حيال هذا وذاك لطالما سمعنا صوت المنظمة الخجول، وهو يهمس قلقاً، مما آلت، أو قد تؤول إليه الأمور الميدانية، والسياسية، وحتى الصحية.
المشهد القلق لم يقتصر على سورية والسوريين فقط، وإنما لطالما تناول الشأن العراقي، والأفغاني، والفلسطيني، وأيضاً الأوكراني، لتتحول هذه المنظمة إلى مجرد كائن مريض بالقلق المزمن، منظمة ينحصر سقف إمكانياتها بدق ناقوس الهلع هنا، والتعبير عن الأسف هناك، فيما الحراك الفعلي على الأرض صفر بالمطلق.
غوتيريش وفي أحدث نوبات هلعه القلق، حذر من التغير المناخي الطارئ على الكرة الأرضية، مؤكداً أن البشرية وصلت إلى نقطة اللا عودة حيال الكارثة، وأوضح أن انبعاثات الغازات الدفيئة تهدد كوكبنا، ونتجه بالتالي كلنا نحو الجحيم المناخي.
غوتيريش هنا لم يأت بجديد فهو ومنظمته يبدو أن مهمتهم محصورة بالقلق، وكان الأجدر به أن يضع يده على بيت الداء والابتلاء الأميركي ويقول بالاسم من المسؤول عن انبعاثات الغاز الدفيئة.
لسنا بحاجة إلى قلق غوتيريش، ومنظمته الناطقة بالأميركية، ما نريده هو أن يحرك الساكن، ويدين المجرم، ويعريه، ويحاسبه، ويكف شره عن البشرية.
فالسوريون لا يعنيهم قلقه، طالما كان ناقصاً، ومسيساً، وربما مأجوراً، لماذا لا يقول صراحة أن الأميركي وراء معاناتهم، وأنه بانسحابه عن أراضيهم، وحقول ثرواتهم، تنتهي أزمات الغاز، والكهرباء، والنفط، والدواء المفتعلة؟!، لماذا لا يقول أن من يصب زيته الحاقد على نار الحرب الأوكرانية، هو النظام الأميركي، وأنه يتوهم بذلك أنه سيصعد على قمة التسيد الكوني، لماذا لا يحاسب أميركا عن تشريدها، وتيتيمها للملايين من أطفال العراق؟!.
إلى منظمتنا المرتعشة.. كفى قلقاً، أو ربما الأصح كفى نفاقاً.. لقد سئمنا هذا التلون الدبلوماسي المتشح برداء الإنسانية المرقع، بل هو بصراحة لم ولن يشوش على إحداثيات الواقع التي تؤكد أن الأميركي وحده القاتل، والشرطي، والجلاد، وأن المنظمة تحولت بملء إرادتها إلى جهاز إنذار، أو شاهد زور لا أكثر ولا أقل.