محمود اللحام
مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ هذا العام في شرم الشيخ بمصر، يعقد على خلفية الأحداث المناخية القاسية التي شهدتها جميع أنحاء العالم، وأزمة الطاقة التي أثارتها الحرب في أوكرانيا، والبيانات العلمية التي تؤكد أن العالم لا يفعل ما يكفي للتصدي لانبعاث الكربون وحماية مستقبل كوكبنا.
وبدعم مجموعة الـ 77 والصين (التي تضم تقديرياً جميع الدول النامية) اقترحت مصر التي استضافت مؤتمر المناخ هذه المرة قضية “الخسائر والأضرار” ووافق عليها أعضاء المؤتمر على وضعها رسمياً على جدول الأعمال.
إذ يتسبب تغير المناخ، من خلال الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأعاصير المدارية والتصحر وارتفاع مستوى سطح البحر، في أضرار مكلفة للبلدان.
ولأن اشتداد هذه “الكوارث الطبيعية” ناتج عن زيادة انبعاث غازات الاحتباس الحراري، ومعظمها من البلدان الصناعية الغنية، فإن البلدان النامية – الأكثر تضرراً في كثير من الأحيان – تجزم بضرورة حصولها على تعويضات.
الدانمارك أول دولة تعلن نيتها تقديم 13 مليون دولار للدول النامية التي عانت من أضرار بسبب تغير المناخ.
وسبق المؤتمر مناقشات حول إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، ولكن لم تترجم إلى شيء ملموس حتى الآن. ويأمل الخبراء في بناء مزيد من الزخم وإنجاز الصندوق، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ، إيان فراي.
وقال فراي مؤخراً: “هناك دول متقدمة كبرى تشعر بالقلق الشديد حيال ذلك وتنظر إلى هذه القضية من منظور ما سيدفعه الملوث، الآن، يتعين على البلدان الأكثر تضرراً من تغير المناخ والتي تعاني من التكاليف أن تتعامل مع هذه التكاليف بنفسها. لذا، حان الوقت لأن تقف الدول الكبيرة، البلدان الرئيسية المسببة للانبعاثات، وتقول، “علينا أن نفعل شيئاً، علينا أن نقدم مساهمة لهذه البلدان الضعيفة”.
وتعد الولايات المتحدة ثاني أكبر ملوث مناخي، بعدما ضخت خلال القرنين الماضيين النسبة الأكبر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.
ووفقًا لبيانات عام 2019، فإن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مسؤولة معا عن أكثر من نصف فائض ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: إن الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أو COP27، يجب أن تقدم “دفعة أولى” بشأن الحلول المناخية تتناسب مع حجم المشكلة. فهل سيكون القادة على قدر المسؤولية؟.
انعقد أول مؤتمر للمناخ في عام 1992، حين نظمت الأمم المتحدة قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل، حيث تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وتم إنشاء وكالتها التنسيقية – ما نعرفه الآن باسم أمانة الأمم المتحدة لتغير المناخ.
في هذه المعاهدة، وافقت الدول على “تثبيت استقرار تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي لمنع التدخل الخطير من النشاط البشري في نظام المناخ”، وقد وقع عليها حتى الآن 197 طرفاً مختلفاً.
منذ عام 1994، عندما دخلت المعاهدة حيز التنفيذ، أقدمت الأمم المتحدة بشكل سنوي على جمع كل بلد على وجه الأرض تقريباً لحضور مؤتمرات القمة العالمية للمناخ، المعروفة باسم “COP”، والتي تعني “مؤتمر الأطراف”.
خلال هذه الاجتماعات، تفاوضت الدول على ملحقات مختلفة للمعاهدة الأصلية لوضع حدود ملزمة قانوناً للانبعاث، على سبيل المثال، بروتوكول كيوتو في عام 1997 واتفاق بـاريس الذي اعتمد في عام 2015، إذ وافقت جميع دول العالم على تكثيف الجهود من أجل محاولة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق درجات حرارة ما قبل الصناعة، وتعزيز تمويل العمل المناخي.
بلغ مؤتمر COP26 العام الماضي ذروته في ميثاق غلاسكو للمناخ، الذي أتى بعد خمس سنوات على توقيع اتفاق باريس والذي أبقى هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية حياً، ولكن “بنبض ضعيف”، كما أعلنت رئاسة المملكة المتحدة آنذاك.
وقد تم إحراز تقدم ليعمل اتفاق باريس بكامل طاقته، من خلال الانتهاء من التفاصيل الخاصة بتنفيذه العملي، المعروفة أيضاً باسم “كتاب قواعد باريس”.
في COP26 اتفقت الدول على تقديم التزامات أقوى هذا العام، بما في ذلك الخطط الوطنية المحدثة ذات أهداف أكثر طموحا، إلا أن 23 دولة فقط من بين 193 دولة قدمت خططها إلى الأمم المتحدة حتى الآن.
شهدت مدينة غلاسكو أيضاً العديد من التعهدات التي تم التعهد بها داخل غرف التفاوض وخارجها فيما يتعلق بالتزامات الصافي الصفري، وحماية الغابات والتمويل المناخي، من بين العديد من القضايا الأخرى.