لم يتوقف الإبداع يوماً في سورية، كلام ليس من نسج الخيال بل واقع معاش عبر سنين طويلة من العطاء والجهود حتى في أحلك الظروف وأصعبها.
اليوم تبدأ احتفالية أيام الثقافة السورية على مدى ثلاثة أيام، تتضمن مسرحيات ومعارض ومهرجانات وعروضاً سينمائية وحفلات موسيقية على مختلف الجغرافيا السورية، وهذا إن دل فيدل على أننا كنا ومازلنا أبناء الأبجدية الأولى وأبناء الحياة المتجددة التي لاتعرف التوقف.
اليوم وغداً وبعد غد كلها أيام ثقافية سورية تغني المشهد وتعيد البهجة للجمهور الذي يبحث دوماً عن الجمال والمعرفة .. كيف لا والسوريون خلال سني الحرب قدموا ما لم يستطع أحد تقديمه في كل صنوف الإبداع، فكانوا بحق أيقونات في الأدب والسياسة والإعلام والفن، تمسكوا بالوطن والأرض والقيم، ليؤكدوا أن الفرح والأمل والتجديد صناعة سورية وقدرة على الغوص في الأعماق..
في الأسطورة كانت سورية وكان السوريون الذين يصنعون المبادرات الطيبة وهم كما كانوا في الماضي هم اليوم أقوياء أشداء يضحون بأغلى ما يملكون كرمى لعيون سورية تأكيداً منهم أن الوطن يحتاجنا جميعاً.
قد يقال أنه لا يوجد لدينا نشاط ثقافي يشد المتابع أو المهتم، لكن مثل هذه المبادرات هي تغيير للمعادلة فهي من شأنها دعم وتشجيع وملامسة قضايا الناس وحاجاتهم وتطلعاتهم إلى الثقافة.
مايقوم به السوريون اليوم يوضح من جديد أن سورية كانت وستبقى كما عهدها التاريخ.. وكما سجلتها صفحات الحضارة موطناً جديداً قادراً ومقتدراً، وستبقى كذلك بوجود الصناع الحقيقيين للإبداع والعطاء، فما قيمة تلك المبادرة إذا لم تجد آذاناً وعيوناً صاغية تترقبها بلهفة؟.