في مهنة المتاعب.. كيف نبحث عن القطب المخفية؟

 

 

نعم نحن أحد الشركاء، ونحن أعني فيها الإعلام، والإعلام شريك أي نجاح يحصل وعندما يقصر بواجبه يكون شريكاً بأي فشل أو ضعف.
من أهم الصفات الذي يجب أن يتمتع بها الإعلامي قدرته على المواجهة، تحمّل ضغط العمل، ثقافته العامة، إضافة إلى تخصصه بما يمكنه من أخذ موقعه المناسب في ميدان العمل بحيث يكون شريكاً حتى في التفاصيل، وهذه تأتي من المتابعة والخبرة، وحينها يحق لمن يعمل في مهنة المتاعب أن يحمل اسم إعلامي، ومن لم يصل بكفاءته إلى هذا التوصيف يكون من سعاة البريد ليس إلا، وفرق كبير بين التسميتين.
لنطبق ذلك مثلاً على الإعلام الخدمي، فالبنية الخدمية في مدننا وفي أريافنا كلها تعاني، وكل المعاناة تتجسد في سوء التنفيذ، وربما غياب الإستراتيجيات، وضبابية المستقبل، وغياب الصيانة، والفساد، وأيضاً تعاطي بعض المواطنين مع هذه البنية بلامبالاة ولا مسؤولية، وباتكالية سوداء، وكأن الدولة بأجهزتها الخدمية وحدها المعنية بالمشاريع (تخديماً وصيانة) دون أن نكلف أنفسنا المشاركة الشعبية مع الدولة لتكون كل المشاريع ناجحة وتحقق الجدوى من إقامتها.
في بلدنا عموماً هناك المئات من الإعلاميين من مؤسسات الإعلام الوطني (العام والخاص) الذين يترددون يومياً على الوزارات والمؤسسات، ولكن كم هو عدد الإعلاميين الذين يبحثون عن القطب المخفية، ويستطيعون الحصول عليها بذكائهم وعلاقاتهم، والتي توصلهم إلى الحقائق، وكم عدد الذين يتقصون بتحقيقاتهم الاستقصائية المسائل الخدمية والاقتصادية والإنتاجية؟ وكم عدد الذين يخرجون بإجابات على أسئلتهم؟ وكم هو عدد الذين يستوضحون أسباب التقصير وتردي الخدمات ويدققون في الإجابات؟.
الإجابة عن هذه الاستفسارات الهامة إن كانت بالمنحى الإيجابي تقودنا إلى حقيقة المقولة التي بدأنا بها، والتي تؤكد أننا سنكون شركاء في إيجاد الحلول لمختلف القضايا حين نكشف عن القطب المخفية فيها، ونصل إلى الحقائق بالوثائق والأرقام، ولاسيما أن القانون منحنا حرية الحركة والمتابعة كي نتقصى وندقق، والتدقيق هنا لا يعني أن نتحول إلى (مفتشين) لأن التفتيش ليس عملنا وإنما له جهات مختصة وهي المكلّفة بذلك قانوناً، بل نقل الأحداث والمعلومات وإيصالها للرأي العام والمسؤول بآن معاً..
أما أن نحمل غيرنا مسؤولية تقصيرنا فهذا كلام قاصر، لأنه لو افترضنا أننا نبحث عن وثيقة لإثبات خلل ما في مكان ما، فهل نتوقع أن تعطى لنا مثل هذه الوثيقة من قبل مسؤول لا يريد إخراجها للعلن، بالتأكيد لا لأن لا أحد يدين نفسه، وهنا لا بد من الاعتماد على المهارات الفردية وشبكة علاقات متدرجة المسؤولية في كل جهة للحصول على الوثائق المطلوبة في أي مسألة.
نحن شركاء نعم، ولي هنا مثال في واحد من الاجتماعات المتخصصة في الصحافة الاستقصائية قبل ثماني سنوات من الآن، حيث حضر طلبة إعلام ومختصون وبدأ الإسهاب في تعريف الصحافة الاستقصائية، وبدأ حديث منفصل عن الواقع العملي وكأن هذا المجال (الإعلام الاستقصائي) شيء جديد نسمع به لأول مرة رغم شيب شعرنا، في حين أن المنطق الذي سقته يقول بأن إعلامنا الوطني كان دوماً حاملاً للإعلام الاستقصائي، وليس من صحيفة سورية إلا وكان لديها زملاء تفوقوا في هذا المجال وحققوا نجاحات لا تخفى على أحد، ويحق لهؤلاء أن يكونوا الأساتذة في هذا الميدان في سورية وخارجها.
أين هم الآن؟ وأين الكوادر الجديدة التي تأهلت لتواصل رحلة هذا النوع من الإعلام، لماذا استسهلنا نشر المادة الإعلامية السريعة من خبر وتقرير ولماذا توجسنا من الإعلام الاستقصائي الذي يحتاج إلى جهد كبير، وعندما يعجز الكثير من المتحدثين بالإعلام يسألون المعنيين: أين الإعلام الاستقصائي يكون الجواب الحاضر دوماً: لا أحد يزودنا بالوثائق كما أن العمل في هذا الجانب مجهد ويحتاج إلى وقت كثير وعند المكافأة (الاستكتاب) تقاس بالمسطرة مثله مثل التقرير والخبر، وهذه للأسف حقيقة.
ما نحتاجه اليوم في الإعلام لإحداث فارق في الأداء فإن طريق الجيل الجديد صعب وطويل لكن ثماره لا تضاهى، نعم نحن شركاء ونتحمل المسؤولية جميعاً في إحداث هذه النقلة المطلوبة.

عبد العزيز الشيباني

آخر الأخبار
السفير الألماني يدعو إلى تجديد التبادل التجاري مع سوريا   المراهق.. فريسة بين تنمر المجتمع والعالم الرقمي  اختصاصات جديدة تعيد رسم ملامح كليات الشريعة  مشاريع الخريجين وتأهيلهم لسوق العمل على الطاولة   خرسانة المستقبل.. ابتكار سوري يحول الأمطار إلى ثروة مائية  التدريب والتأهيل.. فجوة بين العرض والطلب في سوق العمل  تصدير 11 ألف رأس من الماشية الى السعودية "المركزي" يمنح البنوك مهلة 6 أشهر لتغطية خسائر الأزمة اللبنانية بدء تنفيذ مدّ الطبقة الإسفلتية النهائية على طريق حلب – الأتارب الإحصاء.. لغة التنمية ورهان المستقبل "التربية والتعليم ": الإشراف التربوي في ثوب جديد وزير الداخلية يترأس اجتماعاً لبحث الواقع الأمني في ريف دمشق "المواصلات الطرقية": نلتزم بمعايير الجودة بالصيانة وضعف التمويل يعيقنا البنك الدولي يقدّر تكلفة إعادة إعمار سوريا بـ216 مليار دولار "صحة اللاذقية" تتابع 24 إصابة بالتهاب الكبد A في "رأس العين" حملة إزالة الأنقاض تعيد الحياة إلى شوارع بلدة معرشمشة سوريا والصين.. رغبة مشتركة في تصحيح مسار العلاقات زيارة الشيباني المرتقبة إلى بكين.. تعزيز لمسار التوازن السياسي هل تعوق البيانات الغائبة مسار التعافي في سوريا؟ شوارع حلب تقاوم الظلام .. وحملات الإنارة مستمرة