من يتابع فعاليات أيام الثقافة السورية التي تمتد على مساحة المحافظات كلّها، والتي تتنوع ما بين المسرح والسينما من جهة، والندوات والأمسيات ومعارض الكتب من جانب آخر، يدرك هذا الحراك الفاعل الذي يستقطب الجمهور في غير فئة عمرية، وما يلفت الانتباه هذا الإقبال من فئة الشباب واليافعين لحضور هذه الفعاليات، وخصوصاً ما يتعلق منها في معارض الكتب، والمسابقات التي تحرض على القراءة.
وتحت عناوين مختلفة، نجد هذه الالتفاتة إلى التشجيع على القراءة، وخصوصاً بعد الأصداء التي حققها برنامج تحدي القراءة، الذي بدأ يشكل نقطة تحول في التوجه نحو تكريس هذا الفعل الثقافي الهام، بدءاً من الأسرة ومروراً بالمدارس والجامعات، وبعض المبادرات الأهلية التي تسعى إلى تخصيص جوائز تحفيزية تستقطب من خلالها فئات الشباب واليافعين على وجه الخصوص.
ولا يختلف اثنان على أن توجيه جيل الشباب واليافعين نحو الكتاب والقراءة، وإعطائهم فرصة الاطلاع والتزود بالمعرفة والعلم والتعرف على تراث الأجداد وكنوزهم الثقافية التي تشكل عصارة فكرهم وجهودهم على مرّ العصور، هو إنجاز حقيقي، في زمن تسيطر فيه العوالم الافتراضية والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على تفكير هؤلاء الشباب ونمط حياتهم.
أن نعيد للشباب هويتهم الثقافية الوطنية، هو واجب ومسؤولية تقع على عاتق المجتمع بمؤسساته كلها، فعندما نبني جيل الحاضر بناء سليماً متسلحاً بالعلم والانتماء والشعور بالمسؤولية، فنحن نضعه على الطريق الصحيح، لأن شباب اليوم، هم رجال المستقبل، وعلى عاتقهم سيكون بناء الوطن وحمايته والذود عنه.
وما يدعو للتفاؤل هذا الإقبال من قبل الشباب على الأنشطة الثقافية، ولكن ليكون الحصاد أكثر جدوى لابد من تفعيل المكتبات المدرسية، ومحاولة ربط الطالب بالكتاب والتأكيد على أهمية القراءة ودورها في بناء شخصية المثقف الواعي، عبر الاطلاع على عوالم وثقافات مختلفة تغني ذائقته وترتقي به في عالم المعرفة والإبداع.
ومباركة تلك الجهود المخلصة التي تسعى إلى بناء وطن متكامل بأبنائه، شامخ بثقافته، قوي بحصون المعرفة والفكر والعلوم.