الثورة – تحقيق جهاد اصطيف- حسن العجيلي:
الأسواق هي السهل الممتنع لدى المواطن الذي يقف حائراً أمام ما يحدث فيها، سواء لجهة الأسعار أو الانفلات الذي تشهده من حيث الغش وسوء البضائع التي تتدنى جودتها بشكل عكسي مع ارتفاع أسعارها.
ومن الطبيعي أن يكون القانون هو الفيصل في هذه الحالات بشأن اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للحفاظ على صحة المواطنين، ومراقبة الأسواق للمحافظة على استقرار الأسعار وتوافر السلع، والتحقق من توافر مقومات الصلاحية لها، وهذا يقع على عاتق وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديرياتها في المحافظات، بالمقام الأول. هذه المسؤوليات الجسام، سواء من خلال حملاتها التموينية طيلة الوقت أو من خلال اتخاذ قرارات جريئة بحق المخالفين والمسيئين والمحتكرين والنافذين وغيرهم.
شكاوى لا تنتهي
ولطالما اشتكى المواطنون من أزمة أو بالأحرى من أزمات رفع الأسعار وتدني وزان رغيف الخبز والغش فيه وسواها الكثير من المخالفات حتى بات لسان حالهم يقول :»ماعم نعرف نلاقيها منين ولا منين»، فيما عبر آخرون عن استيائهم من تلاعب التجار المتكرر والمتواصل بأسعار السوق الآني، مؤكدين أن الضبوط والغرامات التي تفرض على من يسطر بحقه ضبط مخالفة غير مجدية حتى الآن، لأن مستغلي الأزمات من التجار يربحون الملايين ولا يعنيهم الغرامة، وطالب المواطنون بضرورة تشديد العقوبة، خاصة على الذين يتلاعبون بقوت الشعب.
ضبوط متنوعة
تقوم مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمدينة حلب بمراقبة الأسواق وتنظيم الضبوط بحق المخالفين كما أكد «للثورة» مديرها المهندس أحمد سنكري طرابيشي، مضيفاً بأن دوريات المديرية لا تتساهل مع المخالفين وتقوم بتنظيم الضبوط وفق المرسوم 8 ومن ثم يتم إحالتهم إلى القضاء أصولاً.
ويوضح رئيس دائرة حماية المستهلك برهان كوردي أن الضبوط تتنوع وفقاً لنوع المخالفة أو السلعة منها عدم الإعلان عن السعر، والفواتير، ومواد مجهولة المصدر، والامتناع عن البيع، والبيع بسعر زائد، وبدل الخدمات، واللحوم بشقيها الحمراء والبيضاء، ومواصفات وبيانات، والغش والتدليس، والاتجار بالمواد الإغاثية، وعرض أو بيع مواد منتهية الصلاحية، عدا عن ضبوط الأفران، والاتجار بالدقيق والخبز التمويني، وأخيراً ضبوط المحروقات بشقيه «الاتجار والمختلفة» وضبوط المتفرقات.
أرقام ودلائل
وإذا قرأنا على سبيل المثال – والحديث للمحرر – بيانات العام الحالي منذ الشهر الأول وحتى نهاية الشهر التاسع من جهة عدد الضبوط، قد لا نجد بيانات الشهر الأول تختلف كثيراً عن بقية الأشهر التسعة، فالأرقام متقاربة نوعاً ما «مبيّنة في الصور البيانية».
ويبين كوردي أنه في الشهر الأول تم تسطير نحو ٥٦٢ ضبطاً ، والثاني تقريباً نفسه، والثالث «٥٢٩» والرابع « ٤٩٢» والخامس « ٥٤٨ « والسادس « ٤٢٨ « والثامن « ٥٢٤ « في حين تطابق العدد في الشهرين السابع والتاسع ليستقر عند « ٣٥٠ « ضبطاً فقط.
والملاحظ من البيانات التي زودتنا بها دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية أن النصيب الأكبر من المخالفات كان لعدم الإعلان عن السعر وهي غالباً ما تفوق النصف، ومع ذلك يمكننا القول إن الرقم ضئيل جداً لأن معظم المحال المنتشرة في مختلف المدينة ما عدا «السوبر ماركات» لا تعلن عن أسعارها، طبعاً بسبب تبديلها بين اللحظة والأخرى، في حين أن الكثير من البنود «المهمة» كالاتجار بالمواد الإغاثية ، لم يكن لها «بالطيب نصيب» كما يقال، فقد اقتصر عدد ضبوطها طيلة الأشهر التسعة الماضية على « 5 « ضبوط فقط، علماً أن شوارع المدينة، خاصة القريبة من الأسواق، كالرازي، وباب الجنان والأسواق المنتشرة في الأحياء الشعبية ملأى بهذه المواد !.
بعيدة عن الواقع
وإذا أردنا الغوص أكثر في عدد الضبوط المسطرة بالمخالفات التي تهم المواطن بشكل مباشر والتي يتم الحديث عنها كثيراً – طبعاً كلها تهم المواطن- نجد أن ضبوط الاتجار بالدقيق التمويني اقتصرت على ضبطين اثنين فقط والباقي للاتجار بالخبز التمويني والبالغ نحو56 ضبطاً.
التشدد بالعقوبات
وعلى الطرف المقابل تتابع المحاكم المختصة القضايا المحولة لها من مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ويؤكد القاضي المستشار المحامي العام الأول بحلب عمار موالدي أن القضاء شديد لجهة تطبيق العقوبات المنصوص عليها بقانون حماية المستهلك الصادر بموجب المرسوم رقم 8 لعام 2021 ، إضافة إلى تعاميم من وزارة العدل تؤكد على التشدد والحزم بهذه القضايا والتي تتضمن عقوباتها الحبس والغرامات بحسب نوع القضية، كاشفاً أن نسبة الإدانة في هذه القضايا كبيرة مقارنة بأعدادها، وهي – مبيّنة بالصور البيانية – لذات الفترة الممتدة لتسعة أشهر.
خلاصة القول..
الأرقام التي عرضناها تبرز نشاط مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك ودور المؤسسة العدلية التي يقتصر دورها على تنفيذ الأحكام وفق القانون بالضبوط المحالة من التجارة الداخلية، ليبقى واقع الأسواق وضبطها مرهوناً بعمل وكفاءة دوريات حماية المستهلك التي يجب أن يكون أداؤها أفضل ويلمس المواطن نتائجه على أرض الواقع بما يضمن ضبط السوق فعلاً لا قولاً .
تصوير – خالد صابوني