غصون سليمان
لم تغره كل المقايضات، ولم يستطع أحد في الداخل والخارج أن يشتري ذمته بقي متمسكاً بأصالته السورية وحسّه الوطني العالي، وأن لا شيء يعادل طهر التراب السوري الذي تعمد بتضحيات أبطالنا وجنودنا ورووه بالدماء الزكية.
فمن أعماق الحرب العدوانية الظالمة على بلد الشمس، ومن رحم الآلام والأوجاع والدمار الشامل، وزرع الألغام وقطع الأشجار، وتشويه مفردات حقوق الإنسان من قبل المجموعات الهمجية الإرهابية، ما دفع لهجرة الكثيرين واستشهاد من استشهد وتدمير معالم ومقومات المدينة، لكن الفنان يحيى كعكة اعتصم في مقر عمله بجامعة حلب، متحدياً بشاعة سلوك الإجرام، برغم تعرضه للقتل والاعتقال أكثر من مرة وتفجير منزله، وكسر منحوتاته، وحرق ما يقارب ٣٢ لوحة رسم ونحت من لوحاته، ومع استمرار مضايقته في عمله إلا أنه رفض شريط الهجرة وخيط الهوان، وبقي مع أبناء مدينته الشرفاء يقاوم الفكر الظلامي الحاقد على جميع المستويات المعرفية.
لقد حول الفنان كعكة هذا الوضع المؤلم من الاعتداء الهمجي إلى شموع لاتنطفئ، فهي دائماً مضيئة وفي الزمن نفسه تقاوم الإرهاب من أجل كلمة المحبة والسلام .
الفنان التشكيلي رحالة السلام يحيى كعكة ابن مدينة حلب أخذ على عاتقه تحمل كل الصعاب والنفقات ليكون سفيراً للوطن ورسولاً للمحبة والسلام وتعزيزاً للعلاقات الأخوية بين شعوب الأرض.
عن أمنياته ورغباته ومعاناته وهدف رحلته الأخيرة إلى بيروت يشير الرحالة كعكة في لقاء للثورة أن أهداف مسيرة الرحلة هو رسالة فرح و انتصار للجيش العربي السوري وشعبه المقاوم ضد العدوان ومواجهة الإرهاب وخصوصاً في حلب التي تحررت عام ٢٠١٦ من قبل أبطال الجيش العربي السوري بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، رسالة محبة وسلام من مهد الحضارات الإنسانية من أجل العيش المشترك لكل إنسان أينما وجد، مؤكداً على أن المقاومة السورية ستبقى مستمرة في العطاء والدفاع عن الحق ضد أطماع المحتل التركي والأمريكي والصهيونية وأتباعهم.
مسار الرحلة
انطلق رحالة السلام الفنان يحيى كعكة على دراجته الهوائية من أسطورة المدن حلب إلى معرة النعمان ومنها إلى حماة،حمص، طرابلس ،جونية وصولاً إلى بيروت بعلبك زحلة، وقضاء عدة أيام قدم خلالها رسالة احتجاج في مقر الأمم المتحدة لرفع الظلم والحصار الجائر عن بلده سورية والتنديد بانتهاك حرمة الأراضي وقطع المياه والغذاء عن أهلنا في الشمال من قبل المحتل التركي.
وفي طريق عودته إلى دمشق في العشرين من الشهر الفائت ولقائه المعنيين في الاتحاد الرياضي العام، وعمادة كلية التربية جامعة دمشق، ووزارة الثقافة والتربية ومحافظة دمشق تابع رحالة السلام سيره من دمشق إلى بلدات صيدنايا،معلولا، النبك ومن ثم حمص نقطة المركز متجها منها إلى محافظتي طرطوس واللاذقية مرورابالصلنفة ومدينة القرداحة لزيارة ضريح القائد المؤسس حافظ الأسد، ومن ثم العودة باتجاه خان شيخون وصولاً إلى حلب.
مدينتي تحت الحرب
تحت هذا العنوان الذي اختاره الفنان التشكيلي لمعرضه حاول رسم جميع المناطق التي حررها الجيش العربي السوري وذلك من خلال الشظايا وبقايا آلات الحرب المدمرة حيث أعاد تشكيلها بأعمال نحتية ومجسمات فنية لتبقى شواهد على وحشية العدوان والإرهاب الذي تعرضت له سورية ومدينته حلب،إضافة إلى أعمال نحتية أخرى تجسد الحالة الوطنية ،الحرية،الأمل،الحقوق، حالة المساجد والكنائس والأسواق والحارات تم توليفها من بقايا وفضلات المعادن المتناثرة بعدما تم لحمها وتشكيلها بإطار فني يناسب الحدث.
أما فيلمه المصور الذي أنجزه مؤخراً فقد رصد صورة مدينة حلب، وما كانت عليه قبل الحرب على سورية من بهاء وجمال لكافة أحيائها القديمة والحديثة ، وكيف تغير المشهد بعدما عاث بخصوصيتها الإرهاب والإجرام بعد تفجير وتخريب معالمها الأثرية ومشفى الكندي الذي يعد الأول في الشرق الأوسط وفندق الكارلتون ذي التصميم والبناء الرائع.
ومن مشاهد الفيلم مارصدته عين الكاميرا والريشة من مدينة نبل كمثل ونموذج لنتائج الحرب العدوانية التي خلفت وراءها كل ألوان المآسي، فمن بترت أطرافه، وفقد بصره وخسر كل ما يملك بقيت، جراح تئن تحت الضلوع، لكن شعاع الأمل يبهر حين يجسد الفيلم كيف أن الجندي العربي السوري يقدم بخوذته الماء لطفلة عطشى بعدما دمرت مصادر المياه، هي صور مختلفة لحالة الشغف عند الطلاب والأساتذة، وهم يستثمرون بصيص الشموع وشح الضياء ليتغلبوا على ضجيج الموت بالنور والحياة..
ملامح كبيرة وعظيمة للصمود والكبرياء جسدها الإنسان والجندي السوري على كامل جغرافيا الوطن.
يذكر أن جميع الرحلات التي قام بها الفنان كعكة منذ العام ٢٠٠٦ وقطع خلالها آلاف الكيلو مترات كان هدفها وطني بامتياز تحمل راية الصداقة والسلام والمحبة، فقد جال الأراضي السورية عام ٢٠٠٧، والأراضي والمدن التركية عام ٢٠٠٨، وزيارة طهران عام ٢٠١٠ مجسداً كل هذا الجهد عبر رسم لوحات لتلك المناطق التي زارها تعبيرا عن المحبة والسلام بين الشعوب .
بطاقة تعريف
رحالة السلام يحيى كعكة..فنان أكاديمي في مجالي الرسم والنحت، تميزت أعماله النحتية بالواقعية التي تعبر عن المعاناة الإنسانية.
-عضو اتحاد الفنانين التشكيلين السوريين.
-محاضر بجامعة حلب كلية الفنون الجميلة.
-مصمم العمارة الداخلية «فن الديكور»
-شارك في العديد من المحاضرات والندوات في سورية وخارجها ،كما شارك بمعارض جماعية وفردية منذ عام ١٩٩٤ ولغاية٢٠١١ من أبرزها معرض فردي بعنوان : المحبة والوفاء للوطن عام ٢٠١١،ومعرض فردي متنقل في إيران وتركيا خلال ترحاله عام ٢٠١٠.
-دراج محترف شارك بالكثير من السباقات المحلية والدولية ونال العديد من الجوائز.
-حاصل على شهادات أكاديمية رياضية من الاتحاد الرياضي العام في سورية ،والاتحاد الدولي العالمي للدراجات uci.