تغيرت الظروف الحياتية، واشتدت متطلبات المعيشة، ما دفع الأكثرية للتوجه نحو المشاريع الصغيرة والمتوسطة وحتى المتناهية الصغر كحالة إنقاذية تنموية، وكمطلب اقتصادي شجعت عليه الحكومة بطرق مختلفة، فأقيمت من أجل هذا التوجه عشرات اللقاءات والاجتماعات والفعاليات من جميع القطاعات الخاصة والعامة والأهلية. كما قدمت بعض المصارف خدماتها متبنية موضوع هذه المشاريع.
ولكن وبعد مرور سنوات على تبني هذه الأفكار وتتبع الأثر الذي تحقق، نجد أن غالبية هذه المشاريع لم تخرج إلى النور، فالكثير منها لم يصل إلى خط النهاية، ولم يجتز القاعدة الأولى من مصرف المبالغ على تأسيس الأولويات.
وعليه لا نجد اليوم أثراً كبيراً للهدف المرسوم لها في الحد من مستويات البطالة وتحسين المستوى المعيشي للأفراد والأسر، فقد كان الوصول إلى الهدف في تطوير المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر كروافد عملية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، محفوفاً بالتحديات، بدءاً من مشكلات التمويل وآليات تقديم القروض من المصارف وشروط الدفع والضمانات وغيرها من الأمور وصولاً إلى مشكلات متنوعة تتعلق بعدم تحديد وتعريف المخاطر في هذه المشاريع وبيئة عمل غير مشجعة.
كما أن أغلبية المشاريع والمساعدات كانت لا تذكر، وتركزت على الحرف التقليدية اليدوية التي تقدم للسياح عادة ولا تهم الأسواق الداخلية في ظل الظروف الحالية، إضافة إلى أن أكبر المشكلات التي تواجه أصحاب هذه المشاريع هي أولاً مشكلات تخص صعوبة الحصول على المواد الأولية والتكلفة الكبيرة لها، وعدم وجود يد عاملة مدربة. وثانياً المشكلات التسويقية وعدم وجود أماكن مخصصة لعرض البضائع.
ورغم الجهود المبذولة من مديرية هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي عملت على مشروع التعداد الشامل والتفصيلي للمشروعات لتوفير بيانات وإجراء القياسات التنموية حول حجم القوة العاملة ونوعية المشاريع المسجلة. وقد أشارت إلى وجود آلاف المشاريع على مستوى المحافظات السورية، كما أن التحليلات الاقتصادية والاجتماعية لبعض المتتبعين على الأرض أشاروا إلى أن خط الفقر لم يتغير ونسبة البطالة لا تزال في الحدود التي كانت عليها.
بالنهاية ورغم ما لحق المشاريع الصغيرة والمتوسطة من مخاطر ومشكلات جعلتها تبدو أنها مبادرات فردية شخصية غير مدروسة على أسس صحيحة، فإن ذلك لا يغير من إمكانية تحقيقها للأهداف الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق النجاح أسوة بتجارب الدول الأخرى.
السابق