الثورة – عمار النعمة:
يعتبر الدكتور جورج جبور قامة فكرية وسياسية وثقافية، وصاحب الكثير من الأفكار والمبادرات في تطوير اللغة العربية ، وفي الإبداع والعمل والحياة، كان حريصاً على إيصال أفكاره وآرائه بكل وضوح وعفوية ولهذا فهو يعتبر قريباً من الناس .
في يوم اللغة العربية خصّ الدكتور جبور مساحة للثورة أون لاين ليتحدث عن مافي الجعبة فقال :
أسرّ بيومي أول آذار و 18 كانون الأول من كل عام وأحتفي بهما، وأشعر بسعادة حقيقية إذا تلقيت إشارة من صديق ما تقول أنه تذكرني في يوم اللغة الغربية الذي قررت المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة موعده في أول آذار، وفي اليوم العالمي للغة العربية الذي حددته اليونسكو في 18 كانون الأول.
لماذا أسر وأحتفي وأشعر بسعادة؟ لأنني أرى لنفسي أثراً في هذين اليومين، هما ثمرة فكرة أطلقتها في حلب يوم 15 آذار 2006. صحيح أن أيا من المنظمتين اللتين حددتا الموعدين لم تسألني الرأي، وصحيح أيضاً أنهما لم تكونا مطلعتين على دوري في إطلاق الفكرة، وصحيح فوق ذلك أنني أرى ثلاثة مواعيد أخرى، بل أكثر من ثلاثة، أجدر من يومي المنظمتين بأن تطلق عليهما الصفة المحببة “يوم اللغة العربية” وأن تضاف إلى الصفة كلمة “العالمي” أو “الأكبر”، صحيح كل ذلك، إلا أن اليومين في آذار وفي كانون الأول يستمران مصدر غبطة لي، إنهما إنجاز يقترن باسمي.
منذ 2010 أنا اقرن الإنجاز باسمي وأناضل لتثبت حقي في أبوة فكرة اعتماد يوم للغة العربية، أبوة حضنت بذرتها جامعة حلب، فاتحاد الكتاب العرب، فدار الفكر، فلجنة التمكين للغة العربية المرتبطة بمكتب السيدة نائب رئيس الجمهورية.
بل حضنت فكرتها أيضاً رسالة “فاكسية” إلى آمين عام جامعة الدول العربية ومنه إلى القمة العربية، وكان للبذرة حضن ثالث فتي نشط هو “المجلس العالمي للغة العربية” ومقره بيروت ودبي، ويعمل برعاية سمو الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
منذ تبلورت الفكرة قراراً ذات يوم في عام 2010، قراراً مجرداً من اسم صاحب البذرة، وأنا في هم جميل بل في مهمة تثقيفية مؤداها بالمختصر المفيد: “يا أصحاب الثقافة في بلادنا العربية، تنبهوا، إن للفكرة صاحباً وأنني هو”.
تنبه للأمر صديق في بيروت فأطلقت علي هيئة لبنانية لها شأنها صفة صاحب فكرة يوم اللغة العربية”. كان ذلك عام 2016.
تنبه للأمر قارئ جاد برتبة مندوب دولته لدى اليونسكو، مكلف من اليونسكو لنشر الثقافة العربية، فدعاني محاضراً في احتفالية “يوم اللغة العربية العالمي”، تلك الاحتفالية السنوية التي تقام في مبنى اليونسكو، كان ذلك أيضاً عام 2016.
ثم أتى دور دمشق مجلجلاً متقدماً الصفوف. ففي 22 كانون الأول 2021 نشرت جريدة “البعث” بياناً عن اللغة قالت فيه بوضوح ما قلته مراراً من أن فكرة اليوم العالمي إنما انطلقت من حلب يوم 15 آذار 2006، ماذا جرى في ذلك اليوم؟ صمت البيان.. كأن صياغ البيان أحبوا، بعدم تبيان هوية صاحب الفكرة وظروف الإطلاق، كأنهم أحبوا أن يثيروا فضول القراء، فيضمنوا لاسم صاحب الفكرة تداولاً أوسع.
هذا الكراس فعل ابتهاج ببيان القيادة المركزية الذي صدر يوم 20 كانون الأول 2021. هو أيضاً فعل نشر لما أتى به من تثبيت دور حلب، وفعل إيضاح لمسارات مثمرة نافعة تبنتها اليونسكو.
أحببت لهيئاتنا الثقافية، واللغوية منها بشكل خاص، أن تثبت وأن توضح. فلما كاد أن يحول الحول دون أن تفعل، أخذت الأمر على عاتقي فكان هذا الكراس الذي أرجو أن يصل إلى أيدي القراء قبل موسم اليوم العالمي وفي عز الموسم.
أتوسم في ما أقوم به من نشر الكراس فائدة مثلثة. فائدة إكمال السردية السورية التي أتت بها القيادة المركزية لحزب البعث، وهو إكمال واجب. وفائدة تنمية الشعور بأهمية صيانة حقوق صاحب فكرة نافعة.
أما الفائدة الثالثة المستهدفة فتختص بأهمية التوثيق. وفي حالتنا هذه يوجب التوثيق الدقيق على اليونسكو أن تعلن، يوم احتفالية يوم اللغة العربية العالمي، ما أعلنته القيادة المركزية من أن فكرة اليوم انطلقت من حلب،من جامعة حلب بالتحديد.
هل ستعلن اليونسكو يوم 18 كانون الأول 2022، بعد أسابيع قليلة، أن الفكرة بدءاً من حلب؟ أرجو ذلك.
وأضاف د.جبور منذ أثيرت في دار الندوة ببيروت عام 2014 انتقادات لمغزى اقتراح اليونسكو يوم 28 كانون الأول موعداً ليوم اللغة العربية العالمي، وهو اقتراح حظي بموافقة لاحقة، تتصاعد حدة الانتقادات.
اليوم بإمكاني أن أخاطب السيدة المديرة العامة اليونسكو، في باريس وأقول لها برسالة مفتوحة: إن جوهر ما يؤخذ على الاقتراح الذي أصبح قراراً ونرجو أن يعاد النظر فيه، هو أنه يغيب الغنى الثقافي والحضاري والسياسي العربي.
تتحدث الأيام العالمية الأخرى عن إنجازات حققها انجليز وفرنسيون وروسيون وأسبان.
أما يوم العربية فهو توافق بين دول. يقال: توافقت الدول بأثر من حرب تشرين. إذن فليكن يوم 6 تشرين هو الموعد. أو فليكن يوم بدء التنزيل الشريف. أو فليكن يوم المتنبي أو فليكن يوم إطلاق الفكرة من جامعة حلب في 15 آذار 2006.
وأضيف برسالتي: يقترب يوم 18 كانون الأول. فلتكن المناسبة فرصة تعلن بها اليونسكو فتح باب النقاش واسعاً في التاريخ الأمثل لموعد يوم اللغة العربية وليكن ذلك بالتنسيق مع اليونسكو التي كانت قررت يوماً ثم غيبته.
القول بأن موعد 18 ك الأول “رسخ وله تقاليده” لا يكفي. إنه يوم شاذ. كان اقتراحه خطأ منذ البداية. واستمراره خطأ مستمر.
وأرى مناسباً لنا أن نقوم بعدة خطوات قبل حلول “يوم العربية العالمي”.
أولاً: إصدار بيانات قبيل يوم 18 كانون الأول من قبل مؤسساتنا ولتكن في مقدمتها وزارة التربية (اللجنة الوطنية لليونسكو) ووزارة الثقافة ومجمع اللغة العربية وجامعة حلب.
وبذاك تترسخ في الأذهان الحقيقة التي قالتها القيادة المركزية لحزب البعث العام الماضي في بيانها عن اللغة من أن فكرة يوم اللغة العربية العالمي انطلقت من حلب يوم 15 آذار 2006.
ثانياً: ذكر الظروف التي أدت إلى إطلاق فكرة اليوم من خلال مؤتمر عن اللغات عقدته جامعة حلب وفيه دعوت إلى اعتماد يوم للغة العربية.
ثالثاً: مطالبة الدول العربية واليونسكو بالاتفاق على أن الموعد الأمثل لليوم هو يوم إطلاق الفكرة في 15 آذار.
وفي الختام دعا “جبور” إلى العمل الدائم على تطوير اللغة العربية في جميع الوسائل لتكون حية مشرقة فاعلة، لافتاً إلى ضرورة مواجهة الصعوبات والتحديات التي تتعرض لها لغتنا العربية والعمل على إيجاد الحلول لها ولا سيما في ظل الحرب والمؤامرة الكونية التي تتعرض لها سورية ما يستدعي تعزيز الرسالة الفكرية في الحوار بين المثقفين.