الثورة – ترجمة ختام أحمد:
من اللافت للنظر أن الاتحاد الأوروبي بدأ في الاستيقاظ وإدراك ليس فقط أنه أكثر تبعية للولايات المتحدة الأميركية أكثر من أي وقت مضى، ولكن في الواقع وصلت العلاقة إلى مستويات هزلية (بين السيد والعبد)، منذ بدء حرب أوكرانيا.
ومع ذلك، وعلى الرغم من رفض كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي مؤخراً الانجرار إلى سيناريو الصراع مع الصين، وصوت أعضاء البرلمان الأوروبي بشكل مثير للشفقة على اعتبار روسيا دولة إرهابية، لم يكن الاتحاد الأوروبي هو الذي توصل إلى هذا الاستنتاج بل كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
بعد تسعة أشهر كاملة منذ اندلاع الحرب في شباط من هذا العام، بدأ الأوروبيون يعلمون أن الفائز الحقيقي في حرب أوكرانيا هو أمريكا التي جعلت أوروبا تعتمد على غاز البترول المسال، في حين أن الأوروبيين هم الذين أصبحوا يعيشون مثل اللاجئين في بلدانهم بمجرد دفع الثمن.
سافر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً إلى واشنطن في أول زيارة دولة لإدارة بايدن، لإعادة ضبط العلاقات.
وفي مقابلة تلفزيونية بـ(برنامج 60 دقيقة)، وجَّه المذيع ويتاكر سؤاله لماكرون: لماذا أصبحت العلاقات مع أميركا غير متزامنة وغير متوافقة؟.
رد ماكرون بالقول: أعتقد أن هذه الإدارة والرئيس بايدن شخصياً مرتبطان بشدة بأوروبا، ولكن عندما تنظر إلى الوضع اليوم سترى بالفعل أن هناك عدم توافق وعدم تزامن، لماذا؟، الجواب: بسبب الطاقة، فأوروبا مشتر للغاز والنفط، والولايات المتحدة منتج لها، وعندما تنظر إلى الوضع الراهن تشاهد صناعاتنا وأسرنا لا تشتري بالسعر نفسه، فقد أصبح هناك فجوة كبيرة تؤثر على القوة الشرائية والقدرة التنافسية لمجتمعاتنا، هذا مع خنق روسيا لإمداداتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا والسوق في حالة اضطراب، وتشتري أوروبا المزيد من الولايات المتحدة، ولكن بسعر يصل إلى ستة أضعاف ما يدفعه الأمريكيون، وهذا ليس سلوك أصدقاء وحلفاء.
قال ويتاكر: “قلت إن هذا ليس سلوك الأصدقاء”.
قال ماكرون: نعم، نحن منخرطون إلى حد كبير معاً في هذه الحرب من أجل المبادئ نفسها، ولكن تكلفة هذه الحرب ليست هي نفسها بالمقارنة بين أوروبا وأميركا، ويجب أن تكون مدركاً جداً لذلك. والأسوأ من ذلك أصبح الأوروبيون يشعرون أن العلاقة مع أمريكا كأنها علاقة العبد الذي يخدم سيده ليزدهر.
للوهلة الأولى، يعد قانون خفض التضخم لبايدن ذكياً تماماً، لكنها ستضرب الشركات الأوروبية بشكل أكثر صعوبة، ما يدفع الكثيرون إلى التساؤل: أولاً عما إذا كان ذلك مخالفاً للمنافسة بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، وثانياً ما إذا كان بايدن يأمل أن تدفع المبادرة الجديدة شركات الاتحاد الأوروبي إلى الانتقال إلى الولايات المتحدة، وخلق المزيد من فرص العمل للعم سام، والتشريع الجديد مصمم لتنمية الوظائف الخضراء في الولايات المتحدة مع إعفاءات ضريبية للسيارات الكهربائية وتصنيع الطاقة النظيفة في أمريكا الشمالية.
إن مستوى الدعم الآن أعلى بمرتين إلى ثلاث مرات في الولايات المتحدة منه في أوروبا، ونحن متحالفون تماماً في هذا الصراع، و نحن نعمل بجد، ولكني أعتقد أن النتيجة في اليوم التالي للصراع ستكون أوروبا أضعف لأن الكثير من صناعتها سوف تموت، كما أعتقد أن هذا ليس من مصلحة الإدارة الأمريكية وحتى المجتمع الأمريكي، لأن المصلحة الرئيسة هي حماية الطبقات الوسطى، وأن نكون منافسين للصين، لكن نتيجة القرارات الأخيرة ستكون أوروبا في حالة سيئة جداً، فالاتحاد الأوروبي ببساطة غير قادر على رعاية مصالح مواطنيه أو شركائه، وقد أثبت ذلك مائة مرة، ولذا فإن ما نشهده هو انهيار الاتحاد الأوروبي على عدة مستويات، وكلما انغمس في العقيدة العمياء خلف الولايات المتحدة كلما غرقت أوروبا أكثر.
تحتاج أوروبا القديمة إلى إعادة ضبط مع الولايات المتحدة، ولكن هل سيكون الاتحاد الأوروبي هو الذي سيأخذ زمام المبادرة للقيام بذلك مع وجود أقسى عقوبة تجارية على الإطلاق نحن فرضناها على أنفسنا من أجل أمريكا، أي الاستمرار في معاقبة النفط الروسي الرخيص؟.
من غير المحتمل، وعلى الرغم من وجود أصوات تقول بالفعل أنه يجب أن يكون هناك حد لمدى العلاقة بين دول الاتحاد الأوروبي وأميركا.