لا يكاد يمر أسبوع من دون أن نسمع أو نقرأ عن خطأ طبي وقع في هذا المشفى أو ذاك، أدى إلى وفاة أو عاهة دائمة، وباتت هذه الأخطاء واضحة إلى الدرجة التي لم يعد بالإمكان إنكارها.
وخلال العام 2021 تم تسجيل حوالي 38 شكوى خطأ طبي لدى نقابة أطباء دمشق فقط، إلا أن الأعداد المسجلة قد لا تكشف حقيقةً واقع الحال.
كثرة الأخطاء الطبية جعل وزارة العدل تصدر تعميماً ينصّ على عدم اتخاذ أي إجراء بحقّ أي طبيب ومنها توقيفه، إلا بعد الاستعانة بخبرة طبية جماعية اختصاصية لتحديد سبب الوفاة أو الإيذاء المنسوب إلى الطبيب في معرض قيامه بعمله، ليصار على ضوء الخبرة اتخاذ الإجراء القانوني المناسب، وأوضح التعميم أن اتخاذ هذه الإجراءات أتى من منطلق الحرص على سمعة الطبيب وحمايته.
وقبل أيام من نهاية هذا العام جاء تصريح رئيس اتحاد شركات التأمين في سورية لصحيفة محلية حول دراسة لمنع الطبيب من ممارسة المهنة في حال لم يكن لديه تأمين ضد الأخطاء الطبية.
وأنه في الآونة الأخيرة يتم توقيف طبيب أو أكثر أسبوعياً بسبب هذه الأخطاء، وبناءً عليه يتم العمل حالياً على وضع تأمين على الأخطاء الطبية التي من الممكن أن يرتكبها الطبيب في أثناء ممارسة عمله، بمعنى التأمين على أخطار ممارسة المهنة، وبهذه الخطوة لا يتحمل الطبيب التعويض المادي للمرضى نتيجة الخطأ الطبي الذي وقع به في أثناء ممارسته، ويتم دفع التعويض للمريض عن طريق التأمين، وأن الدراسة تقترح أن يكون ذلك شرطاً لممارسة المهنة.
وعلى العموم فكرة التأمين ضد الأخطاء الطبية ليست سيئة، فتعويض من وقع عليه الخطأ الطبي أو عائلته يبقى أمراً جيداً في ظل الواقع الصحي الراهن.
خلاصة الأمر أن تعميم وزارة العدل السالف الذكر والتأمين ضد الأخطاء الطبية لدى شركات التأمين، التي هدفها الربح أولاً و أخيراً لن يؤدي إلى تراجع في أعداد حالات الأخطاء الطبية، ولكن هذا التراجع يحصل فقط في حال تمت معالجة التراجع المستمر في القطاع الصحي، بدءاً من الحد من هجرة الأطباء الأكفاء والكوادر الطبية المساعدة إلى تأهيل الكوادر المتبقية بشكل جيد، إلى رفع مستوى الوضع التعليمي في الكليات الطبية، وترميم النقص في المواد الإسعافية والأجهزة الطبية في المشافي العامة، وفي بعض المشافي الخاصّة.

السابق